غياب عمر مورو عن مدينة الفنيدق يثير التساؤلات !!
غياب عمر مورو عن مدينة الفنيدق يثير التساؤلات !!
إيكو بريس عبد الرحيم بنعلي –
لم يسجل عمر مورو رئيس مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، حضوره الرمزي وتواجده السياسي كمؤسسة منتخبة تمثل ساكنة الجهة الشمالية للمملكة، إذ غاب عمر مورو ونوابه وباقي المسؤولين المنتخبين في مجلس الجهة، عن المناطق الحدودية مع سبتة المحتلة والتي شهدت موجة هجرة جماعية لمئات “المرشحين للهجرة الغير الشرعية”، نسبة كبيرة من الشباب البالغين، وبينهم فتيان وأطفال قاصرين.
بيد أن أعضاء مجلس الجهة الذين يمثلون ساكنة أقاليم شمال المملكة، لم يظهر لهم أي أثر ولا أي تفاعل مع ما حدث، كما لم ينخرط أي مسؤول في الجهة في أية حملات تحسيسية أو توعوية استباقية تستعرض جهود المجلس في الإقلاع التنموي وتحسين حياة الساكنة، وفي نفس الوقت تحذر من مخاطر دعوات الهجرة الجماعية إلى إسبانيا، عبر كابسولات تواصلية ونشرها عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، لعلها تلقى صدى لدى الآباء والأمهات وأولياء الأمور، من أجل رد أبنائهم عن الاستجابة لنداء 15 شتنبر.
وفي الوقت الذي شوهد والي الجهة يونس التازي، مرفوقا بالعامل ياسين جاري، يتردد على مدينة الفنيدق خلال اليومين الماضيين، لتفقد الأوضاع ومتابعة تطورات الأحداث من عين المكان، فإن رئيس الجهة عمر مورو، ونوابه في الأغلبية المسيرة للحكومة الجهوية في إطار اللامركزية الإدارية، تابعوا الأحداث بصيغة “عن بعد”، كما ان المجلس لم يصدر بيانا للرأي العام في اليوم التالي للأحداث للتعبير عن موقفه.
اليقظة الأمنية تخفف هول الأحداث
منذ انتشار مقاطع فيديو تدعو إلى الهجرة الجماعية إلى إسبانيا عبر المنطقة الحدودية بين الفنيدق وسبتة المحتلة، تفاعلت السلطات الأمنية في البلاد بجدية وأظهرت جاهزية عالية في تعقب المروجين لتلك الدعوات، وعلى إثر ذلك أوقفت نحو 60 شخصا يشجع الشبان والقاصرين على “تنظيم هجرة جماعية بطرق غير شرعية”.
ولولا التعزيزات الأمنية التي وصلت بشكل استباقي منذ بداية الأسبوع المنصرم، بينما كانت التفاعل مع نداء 15 شتنبر للهجرة الجماعية إلى إسبانيا، يكبر ككرة ثلج كلما تدحرج أكثر نحو الأمام، لكانت النتائج مغايرة لربما من حيث الإصابات ومن حيث أعداد المتسللين عبر سياج الأسلاك الشائكة الفاصلة بين الحدود المغربية الإسبانية.
ومع ذلك، فقد شهدت مدينة الفنيدق المحاذية لسبتة أعمال شغب واضطرابات أسفرت عن إلحاق خسائر مادية في مملتكات الساكنة، والمرافق العمومية، بعدما نجح الطوق الأمني في التصدي لمجموعات المرشحين للهجرة الغير الشرعية، تحول تجمهر الحشود إلى غضب عارم ينفجر في محيطه بشكل عنيف..
غياب عمر مورو عن مدينة الفنيدق – تعاطي محتشم لمجلس الجهة مع الأحداث
لم تكن أحداث “الهروب الجماعي” للشباب المغربي نحو إسبانيا، هي الأولى من نوعها انطلاقا من بلدة الفنيدق، بل سبقتها عمليات كثيرة آخرها قبل أسابيع حينما استغل عشرات الشباب والفتيان أجواء الطقس الضبابية، ارتموا في أحضان البحر وعبروا سباحة إلى الثغر المحتلة وصولا إلى شواطئ سبتة، وهناك شبان آخرون فقدوا على إثر ذلك، وخلال الأيام الماضية لفظ البحر جثث بعضهم.
هاته الوقائع المتكررة في مدينة الفنيدق والتي تستقطب أبناء المدن المجاورة كتطوان، طنجة، العرائش القصر الكبير،، لم تدفع مسؤولي مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، إلى فتح نقاش عمومي ولا تنظيم ندوات ولا أبواب مفتوحة في مراكز الأقاليم، أو إجراء لقاءات تشاوية مع المجتمع المدني لبحث السبل الممكنة، لاستعادة ثقة الشباب المغربي في بلده.
هناك من المنتخبين في أحاديثه الجانبية يقول على سبيل الازدراء لتصرفات الشباب الراغب في الهجرة السرية “وا هاد الناس الله يهديهم بلا عقل شنو كاع يخليهم يفكروا يهاجروا الحمد الله بلادنا فيها الخير !! ” فعلا بلادنا فيها الخير ولكن شكون مستفد من هاد الخير هذا هو السؤال ؟؟؟
وهناك شريحة من المنتخبين جاهزون دوما إلى تسليط أفواههم على المواطن المغربي الأعزل عند وقوع مثل هاته الأحداث، حيث تجده سرعان ما يطلق العنان لتحليلات سطحية تمتح من “نظرية المؤامرة الخارجية”، وتضخيمها والوقوف عندها وكأنها الحقيقة الكاملة في الأحداث، في حين تكشف الأرقام الرسمية للمندوبية السامية للتخطيط، عن حجم الأمية والهدر المدرسي ونسبة الفقر والهشاشة الاجتماعية ونسب البطالة المتفاقمة…
فهل يعتقد هؤلاء المنتخبون أننا ما زلنا نعيش في الثمانينات أو التسعينات حيث كانت القنوات العمومية ووسائل الإعلام الرسمية هي مصدر المعلومة للناس ؟ لقد تغير الوضع وأصبحت منصات التواصل الاجتماعي تعكس مرآة الواقع بدون مقص الرقابة، وحتى من دون ماكياج التجميل.. ففي مدينة طنجة هناك أسر لديها أبناء معاقين لا يتوفرون سوى على بطاقة الإعاقة، عوض أن تكون لهم بطاقة الإعانة من الحكومة الجهوية، تكفيهم مرارة مد اليد للجيران والمحسنين طلبا للعون والمساعدة !! لكن مجلس الجهة يختار دعم المهرجانات التي لا تحقق أية فائدة تنموية ولا تخلق أي فرصا للشغل ولا تحصن كرامة المواطن
الأطفال والفتيان القاصرين متلهفون لخوض تجربة الحريك
فقد كانت عشرات المواقع الإخبارية ترصد عبر البث المباشر رحلات المواطنين المغاربة من مختلف الأعمار، يقطعون المسافات مشيا على الأقدام من أجل الوصول إلى مدينة الفنيدق طمعا في التسلل إلى مدينة سبتة المحتلة، ومما جعل المشهد مأساويا تواجد الأطفال والفتيان القاصرين منخرطين وسط الحشود بكل حماس وتلهف لخوض تجربة الحريك، وحين تسألهم عن السبب يأتي الجواب واضحا وصريحا “المسؤولين لا يثقون فينا” “نريد مواصلة تعليمنا والحصول على فرصة شغل كريمة نوفر منها مدخولا محترما لمساعدة عائلاتنا”.
ولعل الفيديو الذي نشرته صحيفة هسبريس عن ذاك الشاب الذي يريد الهجرة لمساعدة أمه المريضة بالسرطان، خير دليل على أزمة التواصل وأزمة اطلاع المسؤولين على أوضاع المواطنين الذين يمثلونهم في كراسي المناصب.
طبعا لا ننتظر من منتخبي الجهة ولا من برلمانيي الجهة الوقوف عند أبواب منازل السكان وترجي الشباب والفتيان والأطفال عدم الانجرار والانسياق وراء الدعوات المحرضة على الهجرة السرية أو الهجرة الجماعية إلى الخارج,
لكن استجابة الآلاف لتلك الدعوات يفرض نفسه أمامنا جميعا وخصوصا الفاعلين السياسيين بالجهة، ماذا قدمتم من ضمانات ومن تدابير وإجراءات ملموسة حتى تعيدوا بناء الثقة بين المواطنين والمؤسسات ؟؟ إذا كان المنتخبون يستفيدون من امتيازات شخصية وعائلية لا تخطئها عين كل متتبع للشأن العام أليس من حق المواطن تسجيل العتب عليهم ؟؟ وإذا كانت سياسة باك صحبي ما تزال قائمة في عدد من المبادرات ؟
ميزانيات ضخمة وأثر ضعيف
لا ينكر أحد حجم الاعتمادات المالية المرصودة لمشاريع التنمية خلال السنوات الأخيرة على المستوى الجهوي، ففي كل دورة تقريبا يرفع السادة المنتخبون أيديهم للمصادقة على اتفاقيات بالجملة، في كل دورة للمجلس تتراوح عدد النقط ما بين 40 و 50 نقطة، تتعلق ببرمجة أو تنفيذ مشاريع مرتبطة بِتَجْوِيد قطاع التربية والتعليم والتكوين، ومحاربة الهدر المدرسي، ومشاريع مرتبطة بتنزيل مشاريع البرنامج الجهوي للتنموية، إضافةً إلى مشاريع ذات وَقْع اجتماعي، ومشاريع ذات بُعْد اقتصادي، وأخرى مرتبطة بتهيئة وهَيْكلة المجالات القروية والحضرية. ومشاريع مرتبطة بتعزيز وتقوية البنيات التحتية للجهة.
لكن تظهر لنا حالة القلق واليأس والإحباط وسط صفوف الشباب باعتبارها الكتلة السكانية الأكثر ثقلا في الهرم السكاني بالجهة، أن هناك خللا ما أو اختلالات ما في مسارات معينة تجعل كل تلك الجهود المبذولة غير ذي جدوائية.
والمعطيات بالأرقام على الأرض تعكس محدودية أثر السياسات العمومية على مستوى الجهة، مقارنة بحجم الميزانيات المرصودة لتحسين مؤشرات الصحة والشغل والتعليم، فكما هو معلوم أن الدول المتقدمة تقيس نجاح برامجها بمدى أثرها على أرض الواقع، فكلما ارتفعت النسب ارتفع مستوى النجاح، والعكس صحيح كلما انخفضت النسب زادت مؤشرات الإخفاق، هنا وجب التوقف للقيام بنقد ذاتي بكل شجاعة وموضوعية.
Discussion about this post