إيكو بريس زكرياء ينعلي –
- اهتز الرأي العام الوطني على واقعة سياسية مدوية على إثر انتشار خبر تخصيص ملايين من المال العام لمجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، لجمعية تابعة لحزب التجمع الوطني للأحرار بمدينة طنجة، ويرأسها قيادي بارز في نفس التنظيم السياسي، زوبعة كبيرة، لكون رئيس الجهة عمر مورو، هو الأمين العام الجهوي للحزب نفسه، مما أثار علامات استفهام كثيرة وأسئلة عديدة، من قبيل لماذا؟ وكيف؟ وماذا وراء هذا السخاء المالي ؟ وما هي القيمة المضافة ؟ ولماذا تم إقصاء جمعيات في شفشاون والحسيمة وزان العرائش تطوان الفنيدق فحص أنجرة من التمويل العمومي لمجلس الجهة، ولماذا لم يتم إعلان طلب عروض يتم فيه التباري بين الجمعيات على البرامج الثقافية والفئة المستهدفة ؟؟
الدعم المالي بعشرات ملايين السنتيمات، لجمعية تطلق على نفسها “مؤسسة” لكي تكتسب هالة في آذان من يسمعها فيعتقد أنها مؤسسة مكتملة الأركان وقائمة البنيان، غير أنها ليست سوى جمعية أسسها قيادي بارز في حزب التجمع الوطني للأحرار، ومعه موظفون ومستشارون جماعيون تابعون لنفس الحزب، ومرشحون باسمه في الانتخابات. (تم) تحت ذريعة المساهمة في تنظيم ما يسمى بـ ” رمضانيات طنجة الكبرى”، وهي عبارة عن سهرات وأمسيات للطرب والمؤانسات يدار فيها الكلام، وذلك بحضور بعض الشخصيات يتم حشرهم عنوة في خانة “المثقفين”، في محاولة من الجهة المنظمة إضفاء شرعية مفقودة على سيناريو محبوك للوصول إلى الغاية وهي الاستفادة من المال العام.
فإذا كان مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، وجماعة طنجة، حريصين على إحياء أنشطة ثقافية بمناسبة شهر رمضان المبارك، (وهي مبادرة ستكون محمودة ومرحب بها لا شك من الجميع)، فلا يجب أن تقفز في ذلك على مقتضيات القانون الداخلي للمجلس وللجماعة، وعلى دورية السيد وزير الداخلية عبد الوافي الفتيت المتعلقة بتضارب المصالح، ولا على مبادئ الحكامة المحلية التي أوصى بها جلالة الملك محمد السادس نصره الله.
إذ قال جلالة الملك في خطاب عيد العرش لسنة 2020 بمدينة تطوان، متحدثا عن الحكامة المحلية؛ “لبلوغ هذا الهدف، يجب اعتماد حكامة جيدة، تقوم على الحوار الاجتماعي البناء، ومبادئ النزاهة والشفافية، والحق والإنصاف، وعلى محاربة أي انحراف أو استغلال سياسوي لهذا المشروع الاجتماعي النبيل”.
30 مليون من الجهة و50 من الجماعة !!
من ناحية ثانية، قال الفاعل الجمعوي يوسف المنصوري، بحر الأسبوع الماضي، في مداخلة له بأمسية ثقافية لفائدة المجتمع المدني بمقاطعة بني مكادة، إن “رمضانيات طنجة الكبرى” تم إستفادت من 30 مليون سنتيم من مجلس جهة طنجة، و50 مليون من جماعة طنجة. لكن مصدر في الجماعة قال إن التحويل المالي لم يتم بعد.
أما مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، فقد لاذ بالصمت إزاء هذا الموضوع الذي أثار الجدل، فيما تأكدت جريدة إيكو بريس الإلكترونية، أن 30 مليون صرفت في إطار الحساب المالي لسنة 2023 عن طريق مندوبية وزارة الثقافة بطنجة، ذلك أن دعم المهرجانات والأنشطة الثقافية، لا يمر عبر مسطرة المصادقة عليها في الدورات العامة للمجلس، وإنما يتم عبر مسطرة مختلفة، وبالتالي فإن تخصيص مبلغ ضخم و صرفه على جمعية لم تكمل 5 سنوات، وتنتمي لحزب رئيس مجلس الجهة أثار جدلا واسعا.
وعلى ضوء هاته المعطيات، علق يوسف المنصوري قائلا؛ إن عمر مورو، هو رئيس الجميع على مستوى المجال الترابي لثمانية أقاليم بالجهة، وليس رئيسا لمدينة واحدة أو جمعية واحدة، فلماذا المحسوبية والزبونية مع جمعية وحيدة؟
كما أثار يوسف المنصوري، مسألة غاية في الأهمية والتي قد تسقط الدعم المالي المقدم من طرف مجلس الجهة لجمعية تابعة لحزب التجمع الوطني للأحرار، في خانة “خرق القانون”، ذلك أنه من شروط الدعم المالي للجمعيات أن تستوفي 5 سنوات من الأقدمية، وهو الشرط الذي لم يستوفى في جمعية القيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار، التي تنظم ما يسمى “رمضانيات طنجة الكبرى”.
بل أكثر من ذلك، يقول عبد الناصر الموساوي، رئيس جمعية ثقافية في إقليم وزان، إذا كان لا بد من تمويل الأنشطة الثقافية في شهر رمضان، فيجب إطلاق طلب عروض عمومي وفتح التباري على الجمعيات الراغبة في ذلك على صعيد أقاليم الجهة كلها، مع مراعاة العدالة المجالية، ثم بعد ذلك انتقاء الجمعيات التي تقدم أفضل برنامج ثقافي لإحياء شهر مضان المبارك.
نفس الملاحظات تنطبق على العمدة منير الليموري في حدود اختصاصات مجلس الجماعة، ذلك أن رئيس الجمعية هو نفسه رئيس اللجنة الثقافية والاجتماعية، وهو ما يعد “تضاربا للمصالح”، بل أكثر من ذلك، أثار يوسف المنصوري شبهات حول كيفية صرف المال العمومي، إذ أن فرقا موسيقية أخبروه بأنهم تفاهموا معهم مقابل 1200 درهم لأحياء السهرة الرمضانية، فما هو مصير باقي الميزانية وما هو تبرير نفقاتها ؟؟؟
كما أثار الفاعل الجمعوي نفسه، مسألة استغلال القاعات العمومية والإدارات العمومية ليل نهار، بشكل حصري أكثر من باقي الجمعيات الأخرى في مدينة طنجة، مما يطرح الكثير من علامات استفهام !!
شبهة تضارب المصالح
أما بخصوص موافقة عمدة طنجة منير الليموري، والذي يبدو أنه خضع للضغط السياسي من طرف حلفاء معه في الأغلبية المسيرة لحزب التجمع الوطني للأحرار ، فإنه لم يحترم دورية وزيرالداخلية رقم 1854D بتاريخ 17 مارس 2022، إلى السيدات والسادة ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم و عمالات المقاطعات حول حالة تنازع المصالح بين جماعة ترابية وهيئاتها وعضو من أعضاء مجلسها وذلك تطبيقا لقواعد الحكامة الجيدة وتكريسا لمبادئ وقيم الديمقراطية والشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وفي الوقت الذي أوضح مصدر مسؤول أن الدعم المالي لم يتم تحويله بعد إلى الجمعية، تسائلت مصادر من المعارضة ألم يكن حريا بجماعة طنجة، أن تسهر بنفسها على تسطير برنامج ثقافي بشراكة مع مختلف جمعيات المجتمع المدني في مختلف أنحاء المدينة؟ هل كان من الضروري إجراء التحويل المالي لغلاف مالي قدره 50 مليون سنتيم من خزينة جماعة طنجة إلى حساب جمعية تابعة لحزب التجمع الوطني للأحرار ؟؟ ما هي القيمة المضافة لهاته العملية وما هو عائدها التنموي على مدينة طنجة التي تدهورت بنيتها التحتية ومرافق الطرقات والأرصفة بها دون إصلاحات منذ عدة أشهر ؟؟ أين هو سلم الأولويات في المصادقة على برامج ممولة من المال العام ؟؟
ومن بين النقط التي أثارت الجدل وتحدثت عنها الصحافة الوطنية والجهوية، هو أن تنظيم هاته الأمسيات الرمضانية يستهدف من بين مليون و200 ألف نسمة من ساكنة طنجة، فإن أصحاب جمعية “فونداسيون طنجة الكبرى” يستهدفون الناس “ديالنا في ديالنا”، حسب تعبير مستشار جماعي، إذ وصل أمر طبع بطاقة الدعوات خلال إحدى السهرات التي انعقدت مؤخرا، ومنع باقي المواطنين من الحضور.
وقال سعيد أهروش رئيس مقاطعة السواني، في تصريح لموقع طنجاوة، إن الدعوات تم تفريقها على بعض المحظوظين، نافيا توصله وباقي المستشارين الجماعيين في مقاطعة السواني لدعوات الحضور، وهو المعطى الذي اكده أيضا مستشارون من حزب الاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري، الذين استنكروا بشدة تبذير المال العام في السهر المشترك لمجموعة تنتمي لحزب سياسي.
أما بلال أكوح، المستشار الجماعي البارز في جماعة طنجة، والمنتمي للحزب الاشتراكي الموحد، فعبر عن سخريته من المهزلة التي جرت في برنامج رمضانيات طنجة الكبرى ذلك أنها لم تحترم مبدأ التشاور والمقاربة التشاركية داخل مجلس الجماعة، كما لم يتم إشراك باقي المقاطعات من أجل تمثيل ترابي لجميع الهيئات المدنية من أجل تعميم منفعة التنشيط الثقافي على كل الأطراف الممثلة للساكنة.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن دورية وزارة الداخليةرقم 1854D تنص على منع كل عضو من أعضاء مجلس الجماعة الترابية من ربط مصالح خاصة مع الجماعة التي هو عضو فيها أو مع هيئاتها (مؤسسات التعاون بين الجماعات أو مجموعات الجماعات الترابية التي تكون الجماعة الترابية عضوا فيها أو شركات التنمية التابعة لها)، أو أن يبرم معها عقودا للشراكات وتمويل مشاريع الجمعيات التي هو عضو فيها وبصفة عامة أن يمارس كل نشاط قد يؤدي الى تنازع المصالح، سواء بصفة شخصية أو بصفته مساهما أو وكيلا عن غيره أو لفائدة زوجه أو أصوله أو فروعه.
وهكذا، فإن كل منتخب ثبت في حقه إخلال بالمقتضيات السالفة الذكر، فإنه يتم ترتيب الأثار القانونية التي تقتضيها هذه الوضعية، وذلك من خلال مباشرة الإجراءات القانونية المتعلقة بعزله.
Discussion about this post