إيكو بريس عبد الرحيم بلشقار
توجت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعي بجامعة عبد المالك السعدي، الطالب الباحث العثماني، العاقل، بشهادة الدكتوراة في القانون العام بميزة مشرف جدا، مع توصية بالنشر، وذلك على إثر مناقشة أطروحته المعنونة بـ “إشكالية الالتقائية بين البرامج الوطنية وبرامج الجماعات الترابية : دراسة مقارنة، صباح يوم الأربعاء 26 ماي بملحقة كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة.
وتكونت لجنة المناقشة من الأستاذ نور الدين أشحشاح رئيسا، والأستاذ إدريس جردان، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق، والأستاذ الحاج شكرة، أستاذ بجامعة عبد المالك السعدي، والأستاذ عبد السلام الأزرق أستاذ التعليم العالي، والأستاذ الطاهر القور، أستاذ مبرز بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير.
وأثنى أعضاء لجنة المناقشة على المجهود البحثي للطالب الجامعي بالسلك الثالث، الذي انطلق من واقع يتسم بمجموعة من الفوارق والعوائق التي يعكسها الواقع الآني على مستوى تنزيل السياسات العمومي، بسبب التداخل في تنفيذ البرامج التنموية الوطنية وبرامج الجماعات المحلية، وهو ما يؤدي إلى أحيانا إلى تعثرات في تنفيذها بسبب نوع من الاتكالية أو التنصل من الالتزامات، أو التأخر في التنفيذ.
ولتجاوز الانعكاسات السلبية على المجتمع والمؤشرات الاقتصادية، نتيجة الصعوبات المسجلة على مستوى التعليم والصحة، وعدم ملائمة التكوينات مع سوق الشغل، أوصى الباحث العثماني العاقل، بضرورة سن استراتيجيات ومقاربات تربوية جديدة وكفيلة بالإجابة على سؤال الالتقائية لاسيما في ظل الدينامية الحالية التي تجسدها سياسة الأوراش الكبرى،
وتسائل الباحث الطالب ما هي حدود وأبعاد مساهمة الالتقائية بين برامج الدولة والجماعات الترابية لتحقيق تنمية شاملة مساندة ناجعة وعادلة، وحاول اختبار الإشكالية ببعض الإشكاليات من خلال التساؤل حول الأسس المرجعية والقواعد النظرية المؤطرة لمفهوم “الإلتقائية” ومراحل تطوره وانعكاساته على السياسات العمومية، وهل يتوفر المغرب على بيئة قانونية تقنية ثقافية لضمان الالتقائية، وما هي مؤشرات الفشل والنجاح التي يمكن الاسترشاد بها، وأين تكمن نماذج الالتقائية ومكامن الخلل فيها؟ وكيف يمكن اعتبار الالتقائية إطارا مهما ودعامة أساسية لترسيخ البعد الترابي للسياسات العمومية ؟
يمكن الحديث عن الالتقائية وأشكالها الإدارية لا سيما بالنسبة للمؤسسات التي تقوم على التعيين كمؤسسات الوالي والعامل، حيث يمثل الولاة والعمال السلطة المركزية بالجماعات الترابية، ويعملون باسم الحكومة على تأمين تطبيق القانون، وتنفيذ النصوص التنيمية للحكومة ومقرراتها، ويمارسون المقاربة الإدارية ويساعدون الرؤساء المجالس الجهات على تنزيل المخططات التنموية، كما أنيطت لمؤسسة الوالي والعامل مهمة الالتقائية والسهر على تنسيق مجموعة من الأوراش الكبرى وبالخصوص المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وبرنامج تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية في العالم القروي…
وبعد إجراء الدراسة ومقاربة مختلف أبعاد الموضوع، اعتبر الباحث أن تأسيس مكانة وأهمية الالتقائية ضمن فلسفة السياسات العمومية يمر عبر مجموعة من القرارات وإجراءات ذات طبيعة إدارية، منها تنزيل الكتابة العامة للشؤون الجهوية وتمكينها من الموارد المالية المطلوبة وبالنخبة الإدارية المؤهلة لها من الخبرات ما يمكنها من إنجاح الورش الجهوي الواعد، وجعل هذه الآلية محورا للالتقائية على المستوى الجهوي.
كما اقترح الباحث اعتماد ميثاق وطني للالتقائية ليشكل إطارا مرجعيا وموحدا للقطاعات الحكومية ومصالحها اللاممركزة والوحدات الترابية بمستوياتها التلاث، وبمختلف الفاعلين في مجال التنمية على مستوى الوطني والترابي، حيث يتعين على الحكومة خلال إعداد وصياغة مختلف البرنامج الحكومي وتنفيذ القانون المالي السنوي، كما يتعين على الولاة والعمال خلال قيامهم بمساعدة تدخلات الجماعات الترابية، وباعتبارهم السلطة الرئاسية لموظفي الدولة والساهرين على تكامل التدخلات المصالح المركزية واللاممركزة، التقيد بالميثاق الوطني، والعمل على اتخاذ ما يلزم لتفعيل مضامينه.
وتوقع الباحث أن يضمن الميثاق إن تم إصداره الدقيق والفعال للسياسات العمومية، وضمان قدر كافي من الانسجام والتكامل بين مكوناتها، وتطوير العمل المشترك حول أولويات القطاعات الحكومية، والمجالات الترابية، وأن يحدد نفس الميثاق العلاقة بين المستويات الترابية الثلاث ويبرز صدارة الجهة فعليا وعمليا.
تبقى الإشارة إلى أن الطالب الباحث الحاصل على لقب الدكتوراة في القانون العام، يشغل مهام رئيس مصلحة تحسين الدخل والإدماج الاقتصادي بعمالة طنجة أصيلة، وقد توج اليوم مساره الدراسي الحافل بالشواهد العلمية، فبالإضافة إلى تكوينه القانوني، فإن العثماني حاصل على شهادة الإجازة كذلك في تخصص الاقتصاد.