إيكو بريس من طنجة-
قبل ثلاثة عشر يوما على حلول عيد الأضحى المبارك يعيش أغلب المغاربة على أعصابهم جراء ارتفاع أسعار أضحية العيد في مختلف المدن المغربية، ليتحول نشيد الخروف الذي لطالما تغنى به الأطفال فرحا على مر الأجيال: الحولي باع باع إلى الحولي بوعو بوعو!
ولا يخفى على أحد أن ارتفاع أسعار الأضاحي في المغرب يثير مخاوف السواد الأعظم من المغاربة لا محالة هذه السنة، وقد يدفع بعضا منهم إلى الامتناع غصبا عن إقامة شعيرة من شعائر الله، بعدما فقدوا القدرة على شراء الأضحية بثمن يلائم راتبهم الشهري الذي لم يعد يقوى على الصمود في وجه غلاء المعيشة ومصاريف السكن وهلم جرا.
كما أن هذا الارتفاع المهول يكتنفه الكثير من الجدل في ظل وفرة العرض وتخطيه الطلب بكثير، تحققا بإعلان وزير الفلاحة محمد صديقي عن بلوغ العرض الوطني نحو 7.8 ملايين رأس ماشية هذا العام، ثم إنه يولد أسئلة محيرة في طليعتها: من يقف وراء غلاء أسعار أضحية العيد ويخرجها من دائرة ارتباط الأسعار بالعرض والطلب؟
وبين من يلقي المسؤولية على عاتق الدولة مبخسا دعمها لتربية المواشي، وبين من يحمل المربين مسؤولية الارتفاع الصاروخي للأسعار، ويتهمهم بالطمع والجشع وتحين الفرص، يتفق الجميع على أن المستهلك المغربي هو المتضرر الأكبر، في الوقت الذي يعادل ثمن الأكباش في أوروبا 1800 درهم على الرغم من الفوارق الكبيرة في تكاليف الأعلاف بين أوروبا والمغرب.
وهنا، يتضح أن الحكومة المغربية لم تفلح في توفير الأضاحي للمواطنين بأثمنة لا تنهك جيوبهم، ويكفي أن ثمن الأكباش هذا العام يفوق الأجر الشهرية لفئة عريضة من الشعب، وكل ما استطاعت إليه الحكومة سبيلا أنَّها قررت التعجيل بصرف أجرة شهر يونيو، لتمكن المواطنين من شراء الأضاحي الباهضة الثمن، قبل أن تضرب لهم موعدا مع شهر ونصف من التقشف الشديد.
وهكذا، يفقد عيد الأضحى جوهره بوصفه شعيرة دينية يتقرب بها العبد إلى ربه راضيا مطمئنا، ومناسبة يبرز فيها مظاهر الفرح والسرور والتوسعة على النفس، إذ تثقل مصاريفه، والحال كهذه، كاهل أرباب الأسر حتى يصير تقليدا اجتماعيا ليس إلا، وهذا هو أخطر ما في الأمر!