إيكو بريس نبيل حانة –
أدت القيود التي فرضتها الجزائر على السلع الواردة من المغرب، بما فيها الحاويات التي يتم نقلها عبر ميناء طنجة المتوسط نحو البوابات التجارية الجزائرية، إلى إجراء تعديلات على جدول شركات النقل مما أدى إلى فرض رسوم إضافية جديدة ألهبت أسعار المواد الأولية في الجزائر.
وتصاعدت التوترات بين المغرب والجزائر بشكل حاد منذ أواخر سنة 2020، حين قامت عناصر انفصالية بقطع الطريق البري الحيوي في جنوب المملكة والذي يربط شمال القارة بجنوبها، حيث أمر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون سنة 2021 جميع الشركات الجزائرية بإنهاء عقودها مع نظرائها من الشركات المغربية.
وخلال الشهر الماضي، أعلنت الجمعية المهنية للأبناك والمؤسسات المالية الجزائرية ”أبيف”(ABEF) عن منعها للبنوك الجزائرية من تقديم أي نوع من الخدمات المالية أو التسهيلات لأي شركة تعبر بضائعها موانئ المغرب.
وأثرت هذه القيود بشكل خاص على شركتي ”ميرسك” (Maersk) و ”سيما سي جي إم” (CMA CGM ) للشحن الدولي اللتين كان لهما في السابق العديد من الخدمات في ميناء طنجة المتوسط، حيث اضطرتا إلى إدخال العديد من التغييرات على مختلف خدماتها المتعلقة بالجزائر.
وبعد وقت قصير من إعلان ‘أبيف”، حذر المحللون الاقتصاديون من أن القرار الجزائري سيؤثر سلبًا على اقتصاد البلاد لأن اختيار المرور عبر موانئ أخرى غير الموانئ المغربية سيزيد من تكلفة النقل، وهو ما سيؤثر في النهاية على أسعار مختلف السلع في الأسواق الجزائرية.
وقالت شركة ”سيما سي جي إم” هذا الأسبوع: ” إن القيود التنظيمية الجديدة المطبّقة على البضائع المتجهة نحو الجزائر [التي ليس لديها] أي إمكانية لنقل البضائع أو عبورها عبر المغرب، ستؤدي للأسف إلى زيادة تكاليف إضافية.
ومنذ ذلك الحين، فرضت شركة النقل الفرنسية رسمًا جمركيا إضافيًا قدره 250 يورو لكل حاوية بضائع تمر عبر جميع موانئ غرب إفريقيا المتوجهة نحو الجزائر، والتي تمر عبر الموانئ الستة الرئيسية في الجزائر العاصمة وبجاية وسكيكدة وعنابة والغزوات ووهران، وهو السوق الذي تقدر قيمته حسب شركة ”لودستار” بأن يكون بحوالي 2.5 Teu-3m حاوية بشكل سنوي.
نتيجة للقيود الجديدة، تم الآن تقسيم خدمة شركة ”’أكابوم” (AGAPOME) التابعة لشركة ”سيما سي جي إم”، والتي كانت تبحر في السابق عبر جولة واحدة من خلال ميناء طنجة، الجزيرة الخضراء، فيغو-ليكسوس، سيتوبال، طنجة، الجزيرة الخضراء، ثم ميناء الغزوات بالجزائر، إلى جولتين بحريتين عبر موانئ المحيط الأطلسي لكل من إسبانيا والبرتغال عبر طنجة، حيث تم إطلاق جولة جديدة خصصت من ميناء الجزيرة الخضراء نحو ميناء الغزوات.
وبالمثل، تم تقسيم خدمة شركة ”ألكوم” (ALGOM)، والتي كانت أيضًا تبحر عبر جولة واحدة عبر موانئ ليفورنو، جنوة، مارسيليا، فوس، فالنسيا، طنجة، وهران، ثم ميناء مستغانم، إلى خمس جولات تبحر عبر مجموعة متنوعة من الموانئ الجزائرية التي تتم الآن عبر الجزيرة الخضراء، فالنسيا، برشلونة، مرسيليا، ثم مالطا.
واختارت شركة ”ميرسك” أيضًا استخدام مالطا كبديل لطنجة، لتحل محلها في خدمة خط L67 البحري، والذي يمر عبر رحلة بحرية مكوكية نحو الجزائر العاصمة. وفي الوقت نفسه، استبدلت خدمة خط L66 الذي كان يتصل سابقا بطنجة-برشلونة-بجاية، ثم طنجة، فالنسيا، فوس، ولا سبيتسيا.
وقال متحدث باسم ميناء طنجة المتوسط لصحيفة ”ذي لودستار” إن الميناء تعامل مع 8.6 مليون حاوية نمطية خلال العام الماضي، وهو ما يمثل نموًا أعلى من المتوسط بنسبة 13٪ خلال سنة 2022، ويبدو أن إدارة الميناء تتجاهل المخاوف بشأن فقدان حركة المرور البحرية الجزائرية.
حيث قال: “يمكننا أن نؤكد إحصائيا أن البضائع الجزائرية التي تم نقلها عبر طنجة المتوسط خلال سنة 2023 تمثل أقل من 0.6٪ من حركة المرور لدينا”.
وهذا من شأنه أن يصل إلى حوالي 110،000 حاوية نمطية.
ومع ذلك، هناك أيضًا جانب جيوسياسي لهذه القضية.
وفقا لصحيفة ”ذي لودستار”قامت إيران بتزويد جبهة البوليساريو الانفصالية – بطائرات مسيرة هجومية على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية. وأشار الرئيس التنفيذي لشركة فسبوتشي البحرية، لارس جنسن، إلى أن هذا “يضع بحكم الأمر الواقع الطائرات المسيرة التي توفرها إيران على طول الطريق نحو مضيق جبل طارق”.
ومن المحتمل أن يزيد هذا من الضغط على الناقلات التي تعبر مضيق جبل طارق لتجنب الهجمات في البحر الأحمر. ومع ذلك، لا يتم استخدام هذه الطائرات المسيرة حاليًا ضد الشحنات التجارية.
في ديسمبر الماضي، ذكرت وكالة رويترز أن إيران حذرت من احتمال إغلاق البحر الأبيض المتوسط إذا استمرت الولايات المتحدة وحلفاؤها في ارتكاب “جرائم” في غزة.
ونقلت وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء عن القائد المنسق للحرس الثوري الإيراني العميد محمد رضا نقدي قوله “سينتظرون قريبا إغلاق البحر الأبيض المتوسط ومضيق جبل طارق والممرات المائية الأخرى”.