العرائش تتأرجح بين مشاريع التنمية ومسرح الخلافات السياسية: الشرفة الأطلسية نموذجًا
تحوّل اللقاء التواصلي الذي احتضنته قاعة الاجتماعات بعمالة العرائش، مساء الثلاثاء 22 يوليوز الجاري، من فضاء مفترض للنقاش الهادئ حول سبل تطوير مشروع الشرفة الأطلسية، إلى مشهد محتدم، طغت عليه الانفعالات، وتداخلت فيه المطالب التنموية بالحسابات السياسية.
اللقاء، الذي ترأسه عامل الإقليم في خطوة غير معتادة تعكس انفتاحًا على المجتمع المدني، كان يُفترض أن يشكل محطة للتشاور حول مشروع يعتبره كثيرون حيويًا لإعادة الاعتبار لواجهة المدينة الأطلسية. إلا أن بعض المتدخلين، ممن يقدّمون أنفسهم كفاعلين في “حراك الشرفة الأطلسية”، آثروا توجيه الانتقادات والاتهامات للمجلس الجماعي، معتبرين المشروع الحالي تشويهًا للمعالم الأصلية، ومطالبين بمساءلة من أشرفوا عليه، بدل تقديم بدائل أو حلول عملية.
ومع محاولات العامل الحفاظ على هدوء النقاش، وتذكير الحاضرين بأن الهدف هو تجويد المشروع وليس محاكمته، تعالت حدة التوتر، وانتهى الأمر بانسحاب بعض الفعاليات بدعوى غياب محضر رسمي للجلسة، رافضين الاكتفاء بكلمة ممثل السلطة الإقليمية، وهو ما قرأه متابعون باعتباره هروبًا من النقاش الجاد، وتشبثًا بشكليات قد تكون ذريعة لنسف الحوار.
المفاجأة الكبرى جاءت من داخل البيت السياسي نفسه، حين أعلنت نائبة من حزب الاستقلال خلال اللقاء استقالتها من المجلس الجماعي، في موقف بدا صادمًا ومتناقضًا مع بلاغ صادر عن الأغلبية ذاتها، صدر قبل يوم فقط، وأعلن دعمه الكامل لمشروع الشرفة الأطلسية.
ووسط هذه الأجواء المتوترة، خرج مطلب تسريع إخراج تصميم التهيئة إلى الواجهة، وهو المطلب الذي وإن بدا مشروعًا من حيث الشكل، إلا أنه أثار الكثير من علامات الاستفهام، نظرًا لتزامنه مع ضغوط معروفة يمارسها بعض المنعشين العقاريين منذ سنوات لدفع السلطات نحو تصميم تهيئة يخدم مصالحهم، وهي الضغوط التي ظلت تجد أمامها جدارًا صلبًا في شخص عامل الإقليم، المعروف بصرامته في ملفات التعمير.
هذا المعطى دفع كثيرين للتساؤل حول حقيقة دوافع بعض الأصوات داخل ما يُسمى “الحراك”، وإمكانية توظيف قضايا الشأن المحلي كغطاء لخدمة لوبيات اقتصادية، تعوّدت على مقايضة التنمية بالمصالح، وعلى تمرير مشاريع على المقاس من خلال افتعال الأزمات وتشويه النقاش العمومي.
في النهاية، لم يكن اللقاء مجرد مناسبة لتبادل الآراء، بل جسّد لحظة كاشفة لأزمة أعمق يعيشها المشهد المحلي، عنوانها الأبرز: من يمثل فعلاً الساكنة؟ ومن يحمي مصالحها من التوظيف السياسي والاقتصادي؟ ثم، هل تملك السلطات الإقليمية ما يكفي من الأدوات والإرادة لحماية مسار التنمية من التشويش والاختراق؟
العرائش اليوم أمام منعطف دقيق، والمطلوب ليس فقط مشاريع عمرانية، بل أيضًا تجديد في أساليب التفاعل مع قضايا المدينة، بنَفَس مسؤول، ووعي جماعي يحترم انتظارات الساكنة ويحصّن النقاش من التسييس والابتذال.
إيكوبريس : توفيق الوهابي
Discussion about this post