تعتبر السياسة الفلاحية والسياسة الغذائية ركيزتان أساسيتان في تحقيق الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية بالمغرب.
فبينما تهدف السياسة الفلاحية إلى تطوير القطاع الزراعي وزيادة الإنتاج، تسعى السياسة الغذائية إلى ضمان توافر الغذاء بأسعار معقولة وتحقيق التوازن بين الإنتاج والاستهلاك.
ومع ذلك، يواجه المغرب تحديات عديدة تتعلق بالتغيرات المناخية، وندرة الموارد المائية، وتقلبات الأسواق العالمية، مما يجعل التنسيق بين هاتين السياستين أمراً ضرورياً لضمان استدامة الأمن الغذائي.
السياسة الفلاحية في المغرب
وتتبنى المملكة المغربية سياسة فلاحية تهدف إلى تحديث القطاع الزراعي وزيادة الإنتاج من خلال برامج مثل مخطط المغرب الأخضر (2008-2020) والجيل الأخضر 2020-2030.
وقد ركزت هذه الاستراتيجيات على تحسين الإنتاجية عبر دعم التقنيات الحديثة والري الفعّال، وتشجيع الاستثمارات من خلال توفير الدعم للمزارعين وتمويل المشاريع الفلاحية، وتنويع الإنتاج الزراعي لتقليل الاعتماد على المحاصيل المستوردة، وتطوير سلاسل الإنتاج والتسويق لتعزيز الصادرات وتحسين دخل الفلاحين.
ورغم هذه الجهود، لا تزال الفلاحة المغربية تواجه تحديات كبرى، من بينها الجفاف المتكرر، والتأثيرات السلبية للتغير المناخي، وضعف التكامل بين الإنتاج المحلي وحاجيات السوق الوطنية.
السياسة الغذائية في المغرب
وتركز السياسة الغذائية على ضمان الأمن الغذائي من خلال توفير المواد الغذائية الأساسية بأسعار معقولة وتحقيق التوازن بين العرض والطلب. وتشمل أهم توجهاتها دعم المواد الغذائية الأساسية مثل القمح والسكر والزيت عبر صندوق المقاصة، وتشجيع الإنتاج المحلي وتقليل التبعية للواردات، وتحسين سلاسل التوزيع للحد من المضاربات وضمان وصول المنتجات للمستهلكين بأسعار عادلة، ومراقبة جودة وسلامة المنتجات الغذائية لضمان صحة المواطنين.
ومع ذلك، فإن ارتفاع أسعار الغذاء في الأسواق العالمية، وتأثيرات الجفاف على الإنتاج المحلي، وتزايد الطلب بسبب النمو السكاني، تجعل من تحقيق الأمن الغذائي تحدياً مستمراً.
التفاعل بين السياسة الفلاحية والسياسة الغذائية
ورغم أن السياسة الفلاحية تهدف إلى زيادة الإنتاج وتحسين الإنتاجية، إلا أن هذا لا يعني دائماً تحقيق الاكتفاء الذاتي في جميع المنتجات الغذائية.
فالمغرب، رغم تحقيقه تقدماً في إنتاج بعض المواد كالخضر والفواكه، لا يزال يعتمد على استيراد الحبوب والزيوت والسكر، مما يضع ضغطاً على الميزان التجاري.
ولتقوية العلاقة بين السياستين، ينبغي تعزيز التكامل بين الإنتاج والاستهلاك عبر دعم زراعة المحاصيل الأكثر استهلاكاً محلياً، والحد من التبعية الغذائية للخارج بتشجيع الفلاحين على إنتاج المواد الأساسية مثل القمح والزيوت، وتحقيق العدالة الغذائية من خلال سياسات تسويقية عادلة وتوفير المنتجات بأسعار معقولة، ومكافحة الهدر الغذائي عبر تحسين التخزين والتوزيع.
ويحتاج المغرب إلى نهج متكامل يربط بين السياسة الفلاحية والسياسة الغذائية لضمان الأمن الغذائي وتحقيق تنمية زراعية مستدامة. ومع التحديات المناخية والاقتصادية الحالية، يصبح من الضروري إعادة تقييم الأولويات ودعم الإنتاج المحلي بطرق مبتكرة للحفاظ على استقرار الغذاء وحماية الفلاحين والمستهلكين على حد سواء.
شاشا بدر
Discussion about this post