لماذا تتكاثر الحرائق في طنجة؟ تغيرات الطقس أم عوامل أخرى؟
بقلم: ابتسام خزري
لخمسة أيام متتالية استمرت آثار ألسنة اللهب تلتهم على غابة الهوارة ضواحي مدينة طنجة. فأتت النيران على أكثر من 85 هكتارا من المساحات الغابوية. وخلفت وراءها خسائر بيئية جسيمة وحالة من الخوف والقلق في صفوف الساكنة المحلية.
لماذا تتكاثر الحرائق في طنجة؟
ورغم نجاح جهود فرق الإطفاء، التي تمكنت من السيطرة على بؤر الحريق بتنسيق محكم بين مصالح الوقاية المدنية والدرك الملكي والقوات المسلحة الملكية.. إلا أن الحادث يطرح أسئلة ملحة حول أسباب تكرار هذا النوع من الكوارث. وخاصة مع تكرار السيناريوهات المخيفة التي عرفتها المنطقة صيف 2022.
فهل نحن أمام نتائج حتمية لتغيرات مناخية تزداد حدة عاما بعد عام؟ أم أن هناك أيادي بشرية تعبث بهذه الثروات الطبيعية عمدا أو عن جهل؟ وهل اكتفت السلطات بالردّ الميداني أم أن هناك خطة استباقية حقيقية لحماية الغابات في شمال المملكة؟
حرائق مبكرة.. وموسم لم يبدأ بعد
ولعل ما يميز حريق غابة الهوارة هذا العام أنه الأول من نوعه في الشمال. وقد اندلع بشكل مبكر نسبيا مقارنة بالمواسم الماضية. وهو ما يشير إلى احتمالية بدء موسم الحرائق قبل أوانه. وذلك تحت تأثير موجات حر استثنائية وطقس جاف ساهم في تسريع اشتعال النيران وانتشارها.
وطالما أكد خبراء المناخ أن ارتفاع درجات الحرارة وتغير نمط التساقطات باتا يشكلان تهديدا حقيقيا للمنظومة البيئية بالمغرب. وخاصة في المناطق الشمالية ذات الكثافة الغابوية، حيث تسجل سنويا النسبة الأعلى من الحرائق على الصعيد الوطني.
غير أن المعطى المناخي ليس السبب الوحيد. فقد كشف الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بطنجة عن توقيف شخص يشتبه في ضلوعه المباشر في إشعال النيران بالغابة. وذلك بعدما تم ضبطه متلبسا قرب مكان الحريق وبحوزته عدد من الولاعات.
وتعيد هذه الواقعة إلى الواجهة دور العامل البشري في إشعال الحرائق، سواء كان ذلك بدافع إجرامي، أو نتيجة إهمال، أو حتى ممارسات تقليدية باتت غير قابلة للتهاون.
بين الإطفاء والاستباق
ورغم المجهودات الجبارة التي تبذلها الفرق الميدانية بدعم من طائرات “كانادير” الأربع التي ظلت مرابطة على أهبة الاستعداد.. إلا أن المراقبين يشيرون إلى ضرورة وضع رؤية استباقية شاملة لإدارة هذه المخاطر البيئية. وذلك عبر تأمين مسارات النار، وإطلاق حملات تحسيسية دورية، وتعزيز منظومة الرقابة والاستشعار المبكر.
وما جرى في هوارة ليس مجرد حادث معزول، بل هو جزء من نمط متكرر ومقلق، تتداخل فيه عوامل طبيعية وأخرى بشرية.
ووسط مؤشرات واضحة على تفاقم آثار التغيرات المناخية، يبدو أن حماية الغابات في طنجة، والشمال عموما، لم تعد ترفا بيئيا. وإنما صارت ضرورة وطنية تستوجب التعبئة الجماعية، والتفكير في حلول تتجاوز منطق الإطفاء إلى منطق الوقاية والردع والمساءلة.
ذات صلة:
الوكالة الوطنية تحذر من خطورة مرتفعة لاندلاع حرائق الغابات في طنجة
جماعة طنجة تخصص أزيد من 34 مليون درهم لحماية الغابات الحضرية
Discussion about this post