رمى منير الليموري رئيس المجلس الجماعي وعمدة المدينة، بالبطاطا الساخنة في وجه المسؤولين بقسم التعمير في الولاية والوكالة الحضرية، في قضية “الفضيحة التعميرية” والمتعلقة بالتوقيع على رخصة بناء لملعب بادل، رغم أنه موجود على أرض الواقع وتم تشييده بشكل مُخالف للقانون قبل سنتين تقريبا، من تاريخ الرخصة المسلمة من جماعة طنجة.
جاءت ردة فعل العمدة منير الليموري، بعد تصاعد حدة الانتقادات وسط الرأي العام الوطني، حول شبهة الظروف المحيطة بتوقيعه على رخصة البناء تحمل القرار رقم GUctgr-0153/2025، وقد وقعها وأمضى عليها في المنصة الإلكترونية للرخص، رئيس جماعة طنجة منير الليموري، شهر يوليوز الماضي.

وفي خرجته بالفيديو صوتا وصورة من مكتبه في الطابق السابع بقصر البلدية، تحدث منير الليموري بكل وضوح بأن ملف التوقيع على هذه الرخصة المحاطة بالكثير من شبهات المخالفات القانونية بأنه لم يوقع عليها لوحده.
وإنما وقعتها الوكالة الحضرية وقسم التعمير في الولاية، قبلا منه، في الوقت الذي ملعب بادل قائم على أرض الواقع وتُلعب فيه المباريات !!! وهذا معناه ضمنيا أنه يحمل المسؤولية للخطأ الإداري المفترض لكل من الوكالة و السلطات أيضاً.
مُخالفات بالجملة والتقسيط
لا يقتصر الأمر في هذه الفضيحة التعميرية على مخالفة وحيدة أو شبهة صغيرة يمكن التغاضي عنها، واعتبارها سقطة خطأ بشري غير مُتعمد، ذلك أنه بالعودة إلى تطورات هذه القضية التي بدأت فصولها مع اعتراض الساكنة على بناء تشييدات بدون ترخيص وبشكل مخالف للقانون منتصف سنة 2024.
ويتضح من خلال تفحص وثائق ملف هذه القضية التي توصلت بها صحيفة “إيكو بريس” أنه عكس ما صرح به عمدة طنجة منير الليموري، أو أنه صرح بجزء من الحقيقة في الموضوع، حينما تحدث عن مراحل إيداع طلب الحصول على رخصة بناء والمراحل التي يقطعها قبل الوصول إلى مرحلة المصادقة النهائية، حيث اكتفى بالقول بأن الوكالة الحضرية وقسم التعمير في الولاية، وقعوا قبله وبالتالي لا يرى مانعا في التأكيد على تلك التوقيعات، وبالتالي إصدار رخصة البناء.
إلا أن عمدة طنجة، لم يتحدث عن هذه الوثيقة أدناه، والصادرة على الوكالة الحضرية بطنجة، والموقعة من لدن السيدة محاسن بركة، والتي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك خروقات تعميرية خطيرة في هذا الملف؛
أولا : هذه الوثيقة تؤكد أن الرخصة الموقعة من لدن عمدة طنجة منير الليموري رقم GUctgr-0153/2025 تم إصدارها رغم أن القطعة الأرضية التي ستحتضن المشروع ليست أرضا عارية، وإنما ملعب بادل قائم فعلا في نفس المكان منذ تاريخ وتوقيت إيداع طلب الرخصة، في دجنبر من العام الماضي !!
ثانيا : أن تشيد الملعب الرياضي بادل تم بشكل مُخالف للقانون بشكل صريح لا يحتمل أي لُبس ولا أي تأويل.
وهذا بحسب الشكان المتضررين، الذين تحدثوا لصحيفة إيكو بريس مؤكد بالأدلة.
ومن ذلك هذه الوثيقة الصادرة عن الوكالة الحضرية صاحب الرأي الملزم في رخص التعمير. وذلك في ردها على شكاية مواطنة من السكان المتضررين من تغيير فضاء الأطفال إلى ملعب بادل وتم كراءه للخواص يزاولون فيه أنشطتهم دون ترخيص الاستغلال.

تعرضات الساكنة ذهبت عرض الحائط !!
حاول عمدة طنجة من خلال خرجته المصورة بالفيديو، أن يُبعد عن نفسه أية مسؤولية انفرادية في الترخيص لملعب بادل، كما حاول دخض أي شبهة خروقات في مسطرة الترخيص. لكن جماعة طنجة سبق أن توصلت كما هو مؤكد بالوثائق باعتراضات من مجموعة من الملاكين وساكنة تجزئة لابريري روز 2 في بوبانة، موضوع ترخيص بناء الملعب المثير للجدل.
وجاء هذا الإجراء استجابة لتوصية من الوكالة الحضرية في المراحل الاولى لدراسة طلب الشركة العقارية صاحبة ملعب بادل، إلا أن العمدة ورغم توصله بالتعرضات من الساكنة، وافق وصادق على طلب إحداث ملعب بادل، رغم أنه مبني في الواقع!!

وبالعودة إلى مسطرة منح رخص الاستغلال للأنشطة الاقتصادية، طبقا لمقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، فقد أصدرت جماعتكم طنجة بين الفترة 25 مارس و 10 أبريل من السنة الجارية، إعلانا بإجراء البحث عن المنافع والمضار بخصوص مشروع إحداث ملعب بادل .. واللغة العربية واضحة لا تقبل التأويل “مشروع إحداث ملعب بادل” .

وهذا معناه أن جماعة طنجة يجب أن تشكل لجنة مختلطة تتكون من قسم الشؤون الاقتصادية بالجماعة؛ القسم الجماعي لحفظ الصحة، و قسم التعميربالجماعة؛ ووكيل المداخيل، وممثل السلطة المحلية، من أجل إجراء معاينة ميدانية لموضوع الطلب المراد استغلاله.
ومن خلال هذه الوقائع والتطورات بالتسلسل الزمني للأحداث، يُطرح استفهام كبير حول ما إذا كان أعضاء اللجنة المختلطة خلال زيارتهم الميدانية التي تمت قبل 3 أشهر من توقيع رخصة البناء الصادرة يوم 09 يوليوز 2025، لاحظوا أن الملعب مُشيد وموجود على أرض الواقع أم لا ؟؟

وإذا كان أعضاء اللجنة المختلطة الذين يفترض حسب مسطرة إعلان المنافع والمضار أن قاموا بزيارة ميدانية للوقوف عن ما إذا كان النشاط موضوع الطلب سيشكل ضررا أو إزعاجا للساكنة.
فإذا كانت قسم التعمير بالجماعة لم يأخذ ما عاينته اللجنة من مخالفات لقانون التعمير، فلماذا لم تأخذ جماعة طنجة على برأي تعرضات عدد كبير من الساكنة الذين رفضوا مطلقا إحداث ملعب بادل، بل إنهم كانوا يطالبون بتنفيذ قرار وقف النشاط المزاول في الملعب وتنفيذ مقرر الهدم الصادر عن الوكالة الحضرية، في حين أن رخصة البناء صدرت بعد أشهر من ذلك ؟؟
مزاولة نشاط غير مرخص؟
من بين الشبهات أيضا، هو أن الساكنة رفعت شكاية إلى السيد وكيل الملك وأحالها على الدائرة الأمنية الثالثة، وتم تحرير محضر عادي موضوعه “مزاولة نشاط غير مرخص” في ملعب بادل داخل تجزئة “لابريري روز 2″، وذلك بتاريخ 05 ماي 2025، أي قبل شهرين من توقيع رخصة البناء المثير للجدل. إذن كيف يتم الموافقة على طلب رخصة بناء لمشروع موضوع شكاية الساكنة لدى القضاء ودخلت الضابطة القضائية على الخط بإجراء معاينة ميدانية، وتحرير محضر عادي بشأن المخالفة ؟؟


التجزئات العقارية تضم مرافق عمومية فأين هي ؟
من بين الشبهات في قضية ملعب بادل، هي أن القطعة الأرضية المُشيد فوقها كانت محددة في التصميم الهندسي الأول المصادق عليه سنة 2019، كمرفق عمومي، وبالتالي لا ينبغي لجماعة طنجة التفريط فيها لفائدة شركة عقارية، رغم أنه قال في الفيديو التوضيحي محملا المسؤولية للشركة بأنها حفظت القطعة الأرضية وحصلت على الرسم العقاري من المحافظة العقارية في عهد المحافظ الأسبق تحت اسم “لابريري ملعب”.
والأمر مُثبت بالأدلة المتمثلة في الوثائق المصادق عليها من السلطات المختصة في مجال التعمير، وهي الوكالة الحضرية وولاية طنجة، والجماعة، حيث أن دفتر تحملات تجزئة لابريري روز 2 الكائة في بوبانة، والمتكونة من 33 قطعة أرضية تتوفر على 5 مرافق عمومية، من بينها فضاء ألعاب الأطفال. كما هو مبين في الوقثيقة المقتبسة من نسخة دفتر التحملات.

وبناءا على كل المعطيات والوقائع المشار إليه أعلاه، يتضح بأن كل الإجراءات الإدارية من جانب جماعة طنجة كان الهدف منها إضفاء الشرعية على وضع غير سليم و مخالف بشكل صريح القوانين الجاري بها العمل، و أن التحركات الإدارية اللاحقة لم تكن تصب في اتجاه التعامل مع مخالفة قانونية صريحة تستوجب اتخاذ إجراءات إدارية محددة في بنود ومقتضيات القوانين المؤطرة التعمير وكذا المؤطرة لفتح مشروع ذي نشاط اقتصادي !!
وكان وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت في جلسة دراسة مشروع الميزانية الفرعية لوزارة الداخلية يوم الأربعاء 5 نونبر 2025، بمحاسبة وزارة الداخلية رؤساء الجماعات الترابية الذين أخذوا أو قاموا بتفويت قطع أرضية كانت مخصصة لمشاريع ذات نفع عام، مؤكدا بأن الوزارة ستراجع أرشيف تدبير رؤساء الجماعات الترابية بما في ذلك السنوات الماضية.
وبما أن القطعة الأرضية التي تم تشييد فوقها ملعب بادل كانت بقعة أرضية مخصصة لمرفق عمومي داخل التجزئة، وبالتالي يُفترض أن تتسلم جماعة طنجة جميع المرافق العامة وتجعلها تحت تصرفها، وترفض التفريط فيها تحت أي ذريعة من الذرائع التي يستخدمها عادة أصحاب النفوذ من بعض الشركات العقارية ؟؟ كما صرح الوزير عبد الوافي لفتيت في البرلمان.


















Discussion about this post