إيكو بريس من طنجة –
بقلم عبد الواحد استيتو
الضجة التي رافقت إطلاق صندوق دعم المقاولات من طرف جهة طنجة (نورديف Nordev) دفعتني إلى الاطلاع على تفاصيل هذه المبادرة من باب الفضول والعلم بالشيء.
ظاهريا، لا يمكن أن يكون هناك تفعيل للجهوية أفضل من هذا، خصوصا في مجال الاستثمار الذي ظل الملك محمد السادس يؤكد على ضرورة تبسيط مساطره ودعمه في أكثر من خطاب.
لكن المشكلة الأزلية أن “الشيطان يكمن في التفاصيل” دائما. والتفاصيل، من خلال الموقع الرسمي للمبادرة، كانت تتواجد في الدليل التعريفي بالمبادرة.
فمن خلال معايير الأهلية يتضح أن أهم الشروط هو توفير 70% من المبلغ الاستثماري للمشروع، أي أن الصندوق – بجلال قدره – لن يوفر لرواد الأعمال والمستثمرين المتحمسين الطموحين سوى 30%.
ويعرف الجميع أن أصعبَ ما قد يواجه المستثمر المبتدئ هو رأس المال بالدرجة الأولى، فإن استطاع توفير 70 بالمائة منه، فهو في الغالب سيستطيع توفير ما تبقى.
بالنسبة للمقاولات الكبرى، فأظن أن الأمر لن يتعدى العبارة الشهيرة لدى المغاربة “زيد الشحمة فظهر المعلوف”، فالمقاولة التي ستتوفر على 700 ألف درهم – مثلا – لن يعجزها توفير ما تبقى، وإن أعجزها، فسيكون ذلك فقط من باب الزيادة في الشيء لا أكثر، والاستفادة من الصندوق لأنه موجود وليس لأنها في حاجة إليه.
وهنا نمر للمسألة الثانية، وهي شكل التمويل، والذي يقترح الصندوق أن يكون على شكل تخفيض أو ميزة تفضيلية على عقار متعلق بالمشروع، كما أنه يمكن أن يكون على شكل معدات وتجهيزات للمشروع.
وإن كانت التجهيزات والمعدات تبقى مفهومة، وقد تكون مفيدة (شرطَ أن تكون أكثر بكثير من 30%)، إلا أن مسألة التخفيض أو الميزة التفضيلية تطرح أكثرمن تساؤل حول صيغتها وكيفيتها، وحولَ المقاولات الكبرى التي ستستفيد من العقارات، وهل سيكون هناك تشديد عليها كي لا يتحول الأمر إلى استثمار آخر؟
أسئلة حقيقية ينبغي أن يجيب عنها المشرفون على الصندوق، وقد راودتني كصحافي متابع للشأن العام، وحملتها معي للمتخصصين طبعاً قبل أن أكتب هذا العمود، فالأخطر من النقد هو أن تهرف بما لا تعرف.. وقد وافقني كل من سألته على ملاحظاتي، وأجمعوا فعلاً أن الدعم بهذه الطريقة هو في حده الأدنى، إن لم نقل أنه يكاد يكون غير مجدٍ.
وكان الأوْلى طبعا أن يتم عقد أكثر من جلسات تشاورية مع أصحاب الشأن أنفسهم، وإجراء استبيانات مع المستثمرين والراغبين في الدعم لمعرفة احتياجاتهم قبل إطلاق الصندوق، وإلا أصبحت المبادرة أهم من أهدافها.. وللأسف هذا ما يحدث غالبا.
ولنتذكر جيدا ما قاله الملك محمد السادس في خطابه خلال افتتاح البرلمان قبل سنة “نتظر أن يعطي الميثاق الوطني للاستثمار دفعة ملموسة على مستوى جاذبية المغرب للاستثمارات الخاصة الوطنية والأجنبية. وهو ما يتطلب رفع العراقيل، التي لاتزال تحول دون تحقيق الاستثمار الوطني لإقلاع حقيقي، على جميع المستويات”.
وكذلك تشديده على ضرورة التفعيل الكامل لميثاق اللاتمركز الإداري، وتبسيط ورقمنة المساطر، وتسهيل الولوج إلى العقار، وإلى الطاقات الخضراء، وكذا توفير الدعم المالي لحاملي المشاريع.
الخلاصة أن المقاولات في جهة طنجة تحتاج إلى دعم حقيقي وليس مجرد ذر للرماد في العيون. وأيا كان الحال، فقد أطلق الصندوق، واللي كان كان، وستبقى النتائج هي الفيْصل والحكم.
Discussion about this post