يُعتبر مستخدمو الأبناك في المغرب الركيزة الأساسية للنظام المالي، حيث يتحملون مسؤولية العمليات المالية الحيوية التي تسهم في استقرار الاقتصاد الوطني. ومع ذلك، يبقون في كثير من الأحيان غير مرئيين، ولا يُعترف بجهودهم الحقيقية. على الرغم من الدور الهام الذي يلعبونه في دعم المشاريع الوطنية وتعزيز التنمية، فإنهم يظلون بعيدين عن أي تحسن ملحوظ في أوضاعهم أو مكافآت تتناسب مع تضحياتهم.
وتكمن المأساة الكبرى التي يعيشها شغيلة الأبناك في غياب الاعتراف بتعبهم، وتجميد الأجور، وظروف العمل الصعبة التي أصبحت لا تطاق. فقد تم إضافة مهام جديدة مثل التسوية الضريبية إلى مسؤولياتهم مؤخرًا، دون أن يحصلوا على تعويضات أو مكافآت تُناسب الجهد الإضافي الذي يبذلونه. في الوقت الذي تحقق فيه البنوك أرباحًا ضخمة، يظل هؤلاء العمال يواجهون الإهمال والتجاهل.
خلال أزمة كورونا، تحمل العاملون في الأبناك جزءًا كبيرًا من المسؤولية في إدارة الإعانات ودفع الرسوم المختلفة، لكنهم لم يحصلوا على التقدير الذي يستحقونه، بخلاف موظفي القطاعات الأخرى الذين نالوا شكرًا علنيًا واعترافًا بفضلهم. ورغم هذه التحديات، ظل مستخدمو الأبناك بعيدين عن دائرة الاهتمام أو المكافآت.
وزادت أزمة تجميد الأجور من تفاقم الظروف الصعبة التي يمر بها شغيلة الأبناك، حيث يعانون من تراجع القدرة الشرائية وفقدان الثقة في النظام. في حين استفاد موظفو القطاع المالي من زيادات في الأجور وصلت إلى 3000 درهم، بقي مستخدمو الأبناك دون أي تحسن في رواتبهم، مما ساهم في توسيع الهوة بين أجور موظفي الأبناك وأجور العاملين في قطاعات أخرى.
الأجور التي يتقاضاها شغيلة الأبناك أصبحت غير كافية لمواجهة الارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة، بينما يستفيد موظفو القطاعات الأخرى من علاوات ومزايا إضافية، مما يزيد من معاناتهم. الوضع أصبح أكثر تعقيدًا، حيث يعيش هؤلاء في فقر مستمر ويعانون من عدم الاعتراف.
بالإضافة إلى الضغط الكبير وساعات العمل الطويلة التي يتحملها شغيلة الأبناك، دون توفر بيئة عمل مشجعة أو حماية من الجهات المسؤولة، جعلت من وضعهم النفسي والجسدي أكثر هشاشة. هذه الظروف تؤدي إلى معاناتهم المستمرة، وتستنزف طاقتهم بشكل دائم.
تجدر الإشارة، إلى أن الوضع الذي يعيشه مستخدمو الأبناك اليوم ليس مجرد ظلم بسيط، بل إن استمرار تدهور أوضاعهم يهدد استقرار القطاع المالي بأكمله. هناك حاجة ماسة إلى تدخل جاد لإعادة النظر في أوضاعهم والعمل على إصلاحها، لأن هذا الأمر لم يعد مجرد قضية حقوق، بل أصبح ضرورة لضمان استمرارية القطاع ودوره الحيوي في دعم الاقتصاد الوطني.
Discussion about this post