ساحة فارو أو سور المعكازين الشهيرة بطنجة ترى النور في حلة جديدة
استعادت ساحة فارو، المعروفة شعبيا بـسور المعكازين، رونقها من جديد بعد خضوعها لأشغال تهيئة مكثفة خلال العشرة أيام الأخيرة. وباتت اليوم تطل على ساكنة مدينة طنجة وزوارها بوجه جديد. وذلك تزامنا مع احتفالات عيد الأضحى، كهدية رمزية من برنامج تأهيل المدينة.
لكن موجة التقاط الصور من الجو لهذه المشاريع، يحجب حقائق الواقع ويستر الاختلالات والنقائص، فيتم تسويق صورة مُخادعة للذات وللآخرين على أن الأشغال انتهت بأفضل درجات الجودة والإتقان، حتى صارت هاته الطريقة المُلتبسة، نهجا سائدا يتنافى إطلاقا مع مبادئ الشفافية والحكامة .
ساحة فارو أو سور المعكازين الشهيرة بطنجة ترى النور في حلة جديدة
وارتدت هذه الساحة، التي تُعد من بين أشهر المعالم الحضرية في طنجة، حلة جديدة إلى جانب ساحة فرنسا التي عادت للحياة بنفورتها البهية. وذلك في مشهد احتفالي يوحي بعودة الروح إلى قلب المدينة.

ولكن، كما هي العادة، فإن مشاريع التهيئة الحضرية تثير دائما تباينا في آراء السكان. فتتأرجح بين من يثمّنون الجهود ومن يوجّهون انتقادات حادة لما يعتبرونه “ترقيعا” لا يرقى لتاريخ المكان ولا لطموحات الساكنة.
ويرى العديد من المواطنين أن المنظر العام للساحة بعد التهيئة يستحق التنويه.. إلا أن بعض التفاصيل أثارت حفيظة المتابعين. فبحسب تعليقات متداولة على منصات التواصل الاجتماعي، فإن الرخام الأسود والملون المستخدم في الأرضية يوصف بكونه من الدرجة الثانية، وبعضه مشقوق وغير مستو. إضافة إلى أن الإسمنت طغى على جمالية البلاط في بعض المناطق، وهو ما أثار تساؤلات حول معايير الجودة المعتمدة.
غياب للمرافق وسخط شعبي
ووصف الفاعل الجمعوي يوسف شبعة، في منشور له، أن النتيجة، وإن كانت أفضل من السابق، إلا أنها لا تخلو من مظاهر العشوائية، التي تشي بضعف في الإتقان وغياب لمعايير الجودة.

ويضيف أحد المعلقين على منشور لصحيفة “إيكو بريس” في الموضوع: “كيف ننتظر الجودة، والمسؤولون يبحثون عن أرخص يد عاملة.. بينما تكلفة المشروع تستنزف ميزانية كبيرة من المال العام؟” (لم يُكشف عن تفاصيلها بالأرقام). وذلك في إشارة إلى مفارقة صارخة بين حجم الميزانيات المرصودة وواقع التنفيذ.
ولم تقتصر الانتقادات على الجوانب التقنية، بل شملت أيضا الجانب الخدماتي. وعبّر العديد من المواطنين عن استيائهم من غياب المرافق الصحية. وتساءلوا كيف يُعقل أن تُرمم ساحة بهذا الحجم، دون التفكير في توفير أبسط الحاجيات، مثل دورات المياه.
المعلمة التي تختصر ذاكرة مدينة
وبعيدا عن واقع الترميم، تبقى ساحة سور المعكازين، أو فارو باسمها الرسمي، واحدة من أبرز محطات الذاكرة الطنجاوية. فهي ليست سورا بالمعنى الكلاسيكي، بل “دكّة” إسمنتية مخصصة للجلوس، تمتد على عشرات الأمتار. وقد شهدت تحولات معمارية متعددة منذ تشييدها الأول سنة 1911.

ويرجع أصل التسمية الشعبية “سور المعكازين” إلى مرشدين سياحيين ومواطنين اعتادوا الجلوس في تلك الباحة لانتظار السفن أو التجار. وذلك قبل أن تنتقل التسمية لاحقا إلى الهضبة العليا، حيث تقع الساحة الحالية. وهو اختلاف في الروايات التاريخية يعكس ثراء الحكاية الطنجاوية وتعدد قراءاتها.
ورغم الجدل الذي رافق المشروع، فإن السلطات المحلية تعتبر أن الرهان الحقيقي ليس فقط في إرضاء الأذواق المختلفة.. بل في الحفاظ على ما تم إنجازه، ومواكبته بالمراقبة والصيانة، لمواجهة الإهمال والتخريب المحتمل.

ذات صلة:
المبادرة المغربية للدعم والنصرة بطنجة تنظم وقفة تضامنية مع غزة وتعتصم احتجاجاً على التصعيد الصهيوني
طنجة تتحول إلى منصة متوسطية للإدماج والابتكار الاجتماعي عبر تظاهرة “Régate Med”
Discussion about this post