يبدو أن السلطات الإقليمية المكلفة بمراقبة الشركة المحظوظة الفائزة كل عام بصفقات تهيئة وصيانة المناطق الخضراء بمدينة طنجة، كبُر عليها حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها، وسقطوا في معادلة “بْرق ما تقشع”. أمام تفاقم أزمة الأشجار المهملة وأخرى ذابلة في مناطق وأرصفة المدينة، منذ أسابيع طويلة.
ومع ذلك، لم تستقبل الشركة المُحتكرة لهذه الصفقة العمومية الضخمة، تحركا حازما من جماعة طنجة صاحب المشروع االتي تؤدي صرف ميزانية المناطق الخضراء، وولاية طنجة بصفتها سلطة الوصاية والمراقبة، في ذات الآن.
وتكاد تتجاوز قيمة صفقة المناطق الخضراء في مدينة طنجة، سبعة ملايير أي ما يفوق 7000 مليون سنتيم، وهي الأعلى على الصعيد الوطني، يتم استخلاصها لفائدة الشركة المُحتكرة لعدة سنوات متتالية لصفقات المناطق الخضراء، تحت مبررات ودعاية مفادها أن الشركة لديها “خبرة وتجربة”، في حين تُكلف صفقة تهيئة العاثمة الرباط ثلاث ملايير سنتيم أي ما يعادل مبلغ 31 مليون و974 ألف درهم.
ورغم الميزانية الضخمة المتاحة رهن الشركة المُحتكرة للسوق الصفقات العمومية للتهيئة الحضرية للمناطق الخضراء، فإن حالة الإهمال الواضحة صارت تحديا حقيقيا تُحرج سلطات ولاية طنجة، نظرا لأن الشركة المعنية مُنشغلة بتجهيز أوراش أخرى استفادت منها في إطار إنجاز برامج التهيئة استعدادا لكأس إفريقيا.

ونظرا لأن عمال الشركة المُحتكرة للصفقات يشتغلون في تلك الأورواش، فإن عددا من المساحات الخضراء وعددا من الأشجار طالتها أضرار بليغة، نتيجة الإهمال الغير المُتعمد، والذي يستغرق عدة أشهر، دون أن تبحث السلطات عن مقاولات بديلة لإنجاز الأشغال المتخلف عن صيانتها، في أحياء المجال الترابي للمقاطعات الأربعة.
مصدر مسؤول، أكد لصحيفة إيكوبريس الإلكترونية، أن هذا الاختصاص حسب القانون التنظيمي حصري لمجالس المقاطعات، إذ أن المساحات الخضراء أقل من هكتار واحد تتولى إنجاز صفاتها المقاطعات الأربع، لكن في عهد الوالي محمد امهيدية، أعطى تعليمات لجماعة طنجة بإبرام صفقة واحدة في السنة بقيمة أزيد من سبعة ملايير سنتيم، أي اكثر من 7000 مليون سنتيم، وهو غلاف مالي ضخم.

احتكار واستحواذ في تحد صارخ للقانون
ورغم أن بلادنا تعيش لحظات التحول الكبرى عقب احتجاجات اجتماعية تنادي بالعدالة الاجتماعية والمساواة، إلا أن هناك من يتقن لعب الأدوار غير آبه بلحظات تقترب فيها أوضاع المتأزمة من الانفجار، ولعل أحد الأسباب الدافعة لذلك هو ظاهرة الاحتكار التي تمنح الامتيازات لأقلية محظوظة، على حساب أكثرية ليس لديها ركائز من المعارف وليس لديها شبكة علاقات. ضدا على مبادئ الدستور والمرجعيات الوطنية.

ومن بينها ما نص عليه الفصل 31 من الدستور، أنه “تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة…. “، لكن فيما يتعلق بصفقات تهيئة وصيانة المناطق الخضراء في مدينة طنجة، يستفيد منها اسم واحد فقط. فأين هو حق باقي المقاولات الصغيرة والصغرى ولما لا حتى التعاونيات التي تزاول نفس النشاط المهني ؟ أليس من حقها الاستفادة من الصفقات العمومية وسندات الطلب وفق آلية “التيسير” التي يحددها الدستور المغربي ؟؟

إن عدم الاستعانة بعدة مقاولات لإنجاز صفقات المناطق الخضراء التي ترصد لها ثروة مالية هائلة يمكن أن توفر مئات مناصب الشغل الإضافية، ويمكن أن تحرك العجلة الاقتصادية بشكل أوسع، عوض ان يؤدي إلى رفع إنتاج الثروة وخلق القيمة المضافة، فإنه يساهم في تقويض التماسك الاجتماعي ويهدم شروط التنافس الاقتصادي وينعكس سلبا على جودة المرفق العمومي، لمستوى التدهور الحالي في أرصفة الشوارع والمساحات الخضراء في الأحياء الشعبية بمقاطعات بني مكادة، امغوغة، السواني، وطنجة المدينة.




















Discussion about this post