خيبة أمل في أوساط البنك الشعبي.. طنجة تهتز على وقع انتحار ثانٍ لموظف بنكي خلال عام
رغم ما تبذله المؤسسات البنكية من جهود لتجويد خدماتها وتعزيز حضورها داخل النسيج الاقتصادي والاجتماعي.. إلا أن الضريبة البشرية التي يدفعها المستخدمون في صمت باتت تُنذر بتحول مقلق.
فبين ضغط الأهداف اليومية ونقص الموارد والتعامل المباشر مع زبائن تتزايد أعدادهم بشكل لافت.. يجد العديد من الموظفين أنفسهم أمام واقع مهني متوتر، لا يرحم ضعفهم البشري ولا يُفسح مجالا للخطأ أو التراجع.
وفي هذا السياق، تتوالى الحوادث التي تفتح جراحا صامتة داخل مؤسسات كبرى كالبنك الشعبي، لم يعد من الممكن تجاهل ما تخلفه من تداعيات نفسية خطيرة لبيئة العمل تلك.
فبعد عام فقط على حادث انتحار مدير مركز أعمال، تهتز مدينة طنجة مجددا على وقع مأساة مشابهة، تنضاف إلى سجل ثقيل من الإنذارات غير المعلنة، في وقت تُعبّر فيه المديرة العامة للبنك الشعبي عن خيبة أمل عميقة، إزاء ما آلت إليه أوضاع المستخدمين، في ظل صمت مؤسسي مقلق.
طنجة تهتز على وقع انتحار ثانٍ لموظف بنكي خلال عام
وقد اهتز حي “مجمع قواسم” بمدينة طنجة، صباح السبت، على وقع حادث انتحار مأساوي جديد، راح ضحيته شاب في مقتبل العمر يعمل موظفا بإحدى وكالات البنك الشعبي بالمدينة، في واقعة تعيد إلى الواجهة من جديد تداعيات الضغط المهني والانهيار النفسي الذي يلاحق بعض المستخدمين في القطاع البنكي.
واختار الشاب، البالغ من العمر 24 سنة، أن ينهي حياته بصمت مروع، بعدما صعد إلى سطح عمارة سكنية بالحي المذكور وألقى بنفسه، دون أن يلحظه أحد لساعات، إلى أن عثر عليه أحد أقاربه جثة هامدة مضرجة في الدماء.
ووفق ما أفاد به شهود عيان لـ”إيكو بريس”، فإن الهالك لم يكن يُظهر أية علامات اضطراب أو قلق على سلوكه في حياته اليومية، وإنما كان يُعرف بهدوئه وحسن تعامله، ما جعل الحادث يخلف صدمة عميقة في نفوس سكان الحي والمقربين منه، الذين عبروا عن ألمهم الشديد ودعواتهم له بالرحمة.
وأكدت مصادر خاصة أن الشاب غادر منزله صباحا متوجها إلى “وجهة غير معلومة”، ودون أن يترك أي أثر أو رسالة توضح دوافعه، وهو الأمر الذي يثير تساؤلات حول الظروف التي دفعته إلى اتخاذ هذا القرار الصادم.
خيبة أمل في أوساط البنك الشعبي.. حادث ليس الأول من نوعه
ولعل اللافت في الأمر أن هذا الحادث ليس الأول من نوعه في طنجة، إذ يأتي بعد سنة واحدة فقط من واقعة مشابهة، حين أقدم موظف آخر بالبنك الشعبي – يشغل منصب مدير مركز أعمال – على الانتحار، وسط حديث عن معاناته من ضغوط مهولة تتعلق ببيئة العمل، خاصة النقص الحاد في الموارد البشرية مقابل ارتفاع مهول في عدد الزبائن، ما يجعل تلبية الحاجيات اليومية شبه مستحيلة.
وبدأت هذه الحوادث المتكررة، التي يكتنفها الحزن والغموض، تثير قلقا كبيرا داخل أوساط البنك الشعبي. حيث علمت “إيكو بريس” أن المديرة العامة للمؤسسة عبّرت عن خيبة أمل شديدة تجاه الظروف القاسية واللامسؤولة التي يُزج فيها المستخدمون، في ظل سياسة الموارد الحالية التي باتت غير قادرة على استيعاب الضغط المتنامي.
ورغم مساعي الإدارات الجهوية والمحلية لاحتواء الأوضاع وتحسين ظروف العمل.. إلا أن المؤشرات تنذر بتداعيات اجتماعية ونفسية خطيرة، في حال استمرت نفس الوتيرة من الاستنزاف المهني دون مراجعة جذرية لمنظومة التسيير وبيئة العمل.
مديرة البنك الشعبي في مرسى الانتقادات
وفي خضم هذا الوضع المأزوم، تتجه أصابع النقد بشكل متزايد إلى المديرة العامة لمجموعة البنك الشعبي، نزيهة بلقزيز.وذلك كونها لم تُفلح، بحسب متابعين، في احتواء تصاعد التوتر داخل أروقة الوكالات، ولا في تقديم حلول واقعية لمعضلة النقص المزمن في الموارد البشرية.
وبينما يُنتظر من القيادة العليا اتخاذ خطوات جريئة تضع سلامة الموظف النفسي في صلب أولوياتها.. يُسجَّل استمرار نهج يُوصف من قبل البعض بـ”اللامبالي”. وهو ما يعمق خيبة أمل العاملين ويجعلهم أكثر عرضة للانهيار تحت ضغط المهام اليومية المتراكمة.
ويبقى السؤال الأهم: إلى متى سيظل المستخدمون في الخطوط الأمامية يدفعون الثمن وحدهم؟ وهل تتحرك الجهات المسؤولة قبل أن تتحول هذه الحوادث إلى سلسلة مؤلمة تطبع المشهد المهني؟
ذات صلة:
انتحار مستخدم في البنك الشعبي بطنجة
إدارة الجمارك والبنك الشعبي المركزي يطلقان نظامًا لضمان الديون الجمركية في عمليات عبور البضائع
Discussion about this post