اندلعت أنشطة التعمير بالترخيص و أخرى دون ترخيص منذ أشهر بوتيرة متسارعة، خصوصا في المناطق الساحلية الممتدة من سيدي قنقوش، وادي أليان، وازرارع، وصولا إلى الديكي ومداشر قروية مطلة على البحر الأبيض المتوسط، وبتعلق الأمر بمبان معدة للسكن من صنف الفيلات الصغيرة والمتوسطة، متكونة من طابقين إلى ثلاثة.
وإذا كانت أنشطة التعمير بهذه الكثافة في إقليم فحص أنجرة، تقول مصادر جمعوية من المنطقة، فيجب أن تنعكس على خزينة المجلس الجماعي للقصر الصغير وجماعة ملوسة، حيث تسائلت المصادر كم بلغت المداخيل الجماعية المستخلصة في جماعة ملوسة وجماعة القصر الصغير وجماعة قصر المجاز المُستخلصة من رخص البناء في هاته المنطقة، مقارنة بحجم الرواج العمراني في المنطقة ؟
المعطيات الميدانية على الأرض، بحسب سماسرة في البناء ونشطاء المجتمع المدني، يؤكدون في تصريحات لصحيفة “إيكو بريس” أن رخصة واحدة تُبنى بها عدة بنايات ( منازل السكن الفردي والفيلات)، لكن مقابل مبالغ مالية تؤدى في السوق السوداء، و لا يُعرف إلى أين تذهب بالضبط ؟ ومن يتوصل بها ؟ وهل يتم ذلك بوصل الأداء (كيطونس) أم لا ؟؟
إن المعطيات التي توصلت بها صحيفة إيكو بريس، تتحدث عن بعض الأعوان والموظفين في بعض الإدارات المحلية يشتغلون وسطاء في البناء مقابل التستر على الفيلات التي تشيد برخص فيلات أخرى مجاورة، لكن لم يتسن للجريدة التواصل معها من أجل أخذ وجهة نظرها في القضية، لتبقى الأبحاث الإدارية وحدها المسلك للتثبت من صحة المعلومات التي يتداولها سكان تلك المناطق في الجلسات والمقاهي.
وبما أن هذه الطفرة العمرانية، تساهم بلا شك في تحريك العجلة الاقتصادية وإنعاش فرص الشغل أمام الحرفيين من مهنيي النجارة والحدادة والسيراميك وتقنيي الماء والكهرباء والصباغة والبستنة وغيرها، إلا أن إخلال الإدارات المعنية في مواكبة النمو الغير المرخص يفرز مشهدا عمرانيا مشوها، خصوصا وأن الشريط الساحلي بين طنجة والقصر الصغير لا يفصل بينه وبين ساحل كوسطا ديل صول في إسبانيا سوى 14 كيلومترا.
فلماذا تساهم إدارات الدولة المغربية في تكريس تفاوتات وفروق بين التعمير المُعقلن والبناء المنظم كما هو في الجارة إسبانيا ؟ و بين مشهد عمراني فوضوي كما يحدث الآن في عدد من مناطق إقليم فحص أنجرة ؟
إشكالات تقنية بسيطة و حلول مُعقدة لماذا ؟
هنا يُطرح سؤال صارم على الإدارات المُتدخلة في تنظيم مجال التعمير ، إذا كان الطلب على البناء ضرورة مُلحة، وعملية لا بد منها تلبية لاحتياجات الناس، و إذا كان أصحاب البقع الأرضية قادرون على دفع المبالغ المالية مقابل تمكينهم من شهادة الإذن بالبناء فلماذا تضع الوكالة الحضرية عراقيل أمام المرتفقين على مستوى الوثائق والمدة الزمنية مما يجعلهم يلجأون إلى الطرق الموازية و إلى حيل غير قانونية لبناء منازلهم ثم تسويتها لاحقا ؟؟؟ خصوصا وأن الشريط الساحلي من سيدي قنقوش للقصر الصغير بإقليم فحص أنجرة يستقطب الأثرياء لبناء الفيلات ؟؟
لا أجوبة صريحة تلوح في الأفق سوى “عجز واضح عن تبسيط المساطر وتسهيل مأمورية المرتفقين”، وذلك من أجل تشجيع الناس على المرور عبر مسالك الإدارة، عوض استدراجهم إلى الطرق الموازية لتلبية احتياجاتهم من أنشطة التعمير، والتي يجب أن تكون مدخلا من مداخل التنمية الترابية، وإنعاش الحركة الاقتصادية المحلية، وتحقيق المداخيل المالية لخزينة الجماعات، من أجل تجهيز البنيات التحتية وإدراج المنازل في الوعاء الضريبي، عوض أن تذهب أمول طائلة إلى جيوب بعض الأطراف الذين اغتنوا بشكل فاحش من هاته المعاملات التي تسنزف ميزانية الدولة ؟

مؤهلات جذابة و مواكبة بطيئة من الإدارة !!
إن هذا الوضع يدفع الكثير من المهتمين بالشأن الترابي إلى التساؤل متى تنخرط إدارات الدولة المعنية بالتعمير في عقلنة التوسعات العمرانية وتجهيزها بكل ما تحتاج مقابل ضبط الملزمين ضريبيا لإنعاش خزينة الجماعات ؟؟ ومتى تنزل وزارة الداخلية بكامل ثقلها على الموظفين المتقاعسين عن أداء مهامهم ؟ أو الذين يتسترون على المخالفات ؟ ومتى يتم تبسيط المساطر والإجراءات أمام المرتفقين ولاتعامل بمرونة مع الإشكالات التقنية مع بعض الحالات التي يمتلك أصحابها بقعا مساحاتها أقل ببعض الأمتار من الحد الأدنى المسموح له برخصة الإذن بالبناء ؟؟
يرى متابعين للشأن المحلي أن المجال الترابي لإقليم فحص أنجرة، بإمكانه أن يُشكل نموذجا على الصعيد الوطني في التهيئة الترابية، و تنظيم المجال العمراني، بشكل يضاهي مدن الجنوب الإسباني التي بدورها بعض المسؤولون المغاربة للاستمتاع بمناظر مدنها الخلابة و قُراها المُجهزة بالمستهلك الطرقية وشبكة المواصلات والمراكز التجارية والمستشفيات والمدارس والمصحات، بينما يحتاج سكان هه التجمعات السكانية في إقليم فحص أنجرة، المجيء إلى طنجة من أجل التمدرس والتطبيب والتسوق وغير ذلك، مما يفرض واقع ضغط متزايد على طنجة.
Discussion about this post