كشف التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة، والذي صدر مؤخرا، عن تسجيل ارتفاع ملحوظ في عدد قضايا متابعة الصحافيين قضائياً خلال سنة 2024 مقارنة بالسنة التي قبلها أي (عام 2023)، وهو ما أعاد إلى واجهة النقاش العام الجدل حول واقع حرية الصحافة وحدود الممارسة المهنية في البلد.
تضاعف عدد المتابعات خلال سنة واحدة
وقالت المعطيات الرسمية الواردة في التقرير، فقد ارتفع عدد متابعات الصحافيين المهنيين بموجب قانون الصحافة والنشر من 21 متابعة سنة 2023 إلى 52 متابعة خلال سنة 2024، أي بزيادة تفوق الضعف في ظرف سنة واحدة.
ويعكس هذا الارتفاع، وفق ، تنامي لجوء القضاء في قضايا مرتبطة بالنشر والتعبير الصحافي، سواء تعلق الأمر بالشكايات المقدمة من أفراد أو مؤسسات، أو بمتابعات مرتبطة بمضامين إعلامية منشورة في الصحافة المكتوبة أو الإلكترونية.
قانون الصحافة في قلب الجدل
ورغم أن قانون الصحافة والنشر يهدف، من حيث المبدأ، إلى حماية حرية التعبير وضمان الحق في المعلومة، إلا أن الأرقام الواردة في التقرير السنوي تثير تساؤلات حول كيفية تفعيل هذا القانون وحدود التأويل القضائي لمقتضياته.
ويرى فاعلون في المجال الإعلامي أن تزايد المتابعات قد يُسهم في خلق مناخ من التخوف والرقابة الذاتية داخل الوسط الصحافي، خاصة في القضايا ذات الصلة بالتحقيقات الاستقصائية أو انتقاد السياسات العمومية.
مطالب بضمانات أقوى لحرية الصحافة
في هذا السياق، تجددت دعوات الهيئات المهنية والحقوقية إلى تعزيز الضمانات القانونية لحماية الصحافيين، وتكريس التوازن بين حق المتضررين في اللجوء إلى القضاء وحق الصحافي في ممارسة مهامه دون تضييق.
في حين تطالب التنظيمات المهنية باختلاف مشاربها، باستثناء “جمعية تدافع عن صحافة التفاهة والتسخير” على ضرورة اعتماد مقاربة تحترم خصوصية العمل الصحافي، وتفادي أي استعمال مفرط للمتابعات القضائية التي قد تمس بحرية التعبير وتعدد الآراء.
أرقام تطرح أكثر من سؤال
ويؤكد التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة أن الأرقام المسجلة خلال سنة 2024 ليست مجرد معطيات إحصائية، بل مؤشرات تستدعي نقاشاً عمومياً هادئاً ومسؤولاً حول مستقبل الصحافة، ودور القضاء، وضمانات حرية الرأي والتعبير في المغرب.
وتزامن هذا التقرير، مع مصادقة مجلس المستشارين على مشروع قانون إعادة انتخاب المجلس الوطني للصحافة، والذي فصلته وزارة الثقافة والتواصل بعدما اقترحته عليها اللجنة المؤقتة التي انتهت قانونيتها، وصارت في” وضعية غير شرعية”، حسب جل المهنيين.
و يكشف هذا خطورة المخطط المحبوك لفرض “أشكال معينة من الناشرين والصحفيين” قصد التحكم في المشهد الإعلامي، والانتقام من الزملاء الذين يحاولون وظيفتهم بنسبة من النزاهة والوطنية والموضوعية، بعيدا عن أساليب التشهير وبعيدا عن التركيز على التفاهة وأعراض الناس.


















Discussion about this post