الفقر متعدد الأبعاد يتراجع في المغرب بنسبة 43% خلال عقد دون تقليص التفاوتات المجالية
كشفت المندوبية السامية للتخطيط في دراسة جديدة بعنوان “خريطة الفقر متعدد الأبعاد: المشهد الترابي والديناميكية” عن تراجع لافت في مؤشرات الفقر متعدد الأبعاد بالمغرب بين سنتي 2014 و2024. ودعمت نتائجها بأرقام دقيقة تؤكد تحسنا تدريجيا في الظروف المعيشية لشرائح واسعة من السكان. وذلك مع استمرار التحديات المجالية القائمة.
الفقر متعدد الأبعاد يتراجع في المغرب بنسبة 43% خلال عقد
وانخفضت نسبة السكان في وضعية فقر متعدد الأبعاد على المستوى الوطني من 11,9 في المائة سنة 2014 إلى 6,8 في المائة سنة 2024. وهو ما يمثل تراجعاً بنسبة 43 في المائة، حسب التقرير.
وفيما يخص القيم المطلقة، انخفض عدد الفقراء من حوالي 4 ملايين شخص إلى 2,5 مليون نسمة.
وسجلت شدة الفقر، أي نسبة متوسط الحرمان لدى الفقراء، انخفاضا طفيفا من 38,1 في المائة إلى 36,7 في المائة خلال نفس الفترة. ونتيجة لهذا التراجع الثنائي، هبط مؤشر الفقر متعدد الأبعاد من 4,5 في المائة إلى 2,5 في المائة.
الوسط القروي.. النقطة السوداء في الخريطة الاجتماعية
ورغم هذا التحسن العام، لا تزال 72 في المائة من الفئات الفقيرة تقيم في الوسط القروي سنة 2024. وذلك مقابل 79% سنة 2014.
وقد تراجع معدل الفقر القروي من 23,6% إلى 13,1 في المائة. إلا أنه لا يزال يتجاوز بأكثر من أربعة أضعاف نظيره الحضري، الذي انخفض بدوره من 4,1 في المائة إلى 3,0 في المائة.
الهشاشة الاجتماعية تهدد 3 ملايين مغربي
ومن جهة أخرى؛ تراجع معدل الهشاشة (أي نسبة المهددين بالفقر) من 11,7 في المائة إلى 8,1 في المائة خلال العقد الأخير. إلا أن حوالي 3 ملايين شخص لا يزالون في وضعية هشاشة. ومنهم 82 في المائة في القرى، مما يعزز احتمال انزلاق هذه الفئة إلى دائرة الفقر.
مؤشرات متباينة بين الجهات.. والشمال في المرتبة الثالثة
وسجلت جميع جهات المملكة تراجعا في الفقر متعدد الأبعاد، لكن بنسب متفاوتة. فكانت أكبر التراجعات في جهة مراكش-آسفي (-7,9 نقطة). وتليها بني ملال-خنيفرة (-7,5 نقطة). وتليها طنجة-تطوان-الحسيمة (-6,8 نقطة). ودرعة-تافيلالت (-6,7 نقطة).
وبالمقابل، شهدت جهات الجنوب والمراكز الحضرية الكبرى تراجعات طفيفة. فسجلت العيون-الساقية الحمراء (-0,9 نقطة). والداخلة-وادي الذهب (-2,0 نقطة). والدار البيضاء-سطات (-2,4 نقطة). والرباط-سلا-القنيطرة (-3,4 نقطة).
وفي سنة 2024، تجاوزت 6 جهات المعدل الوطني المقدر بـ6,8 في المائة. وأبرزها بني ملال-خنيفرة (9,8 بالمائة) وفاس-مكناس (9,0 بالمائة). وفي المقابل، سجلت العيون-الساقية الحمراء (2,4 بالمائة) والداخلة-وادي الذهب (2,5 بالمائة) أدنى المعدلات.
70 في المائة من الفقراء في 5 جهات فقط
وتركز ما يقارب 70 في المائة من مجموع الفقراء في خمس جهات فقط. وهي: فاس-مكناس (16,2 بالمائة) ومراكش-آسفي (15,7 بالمائة). وتلتها الدار البيضاء-سطات (13,5 بالمائة)، والرباط-سلا-القنيطرة (11,9 بالمائة). فيما الجهة الخامسة هي طنجة-تطوان-الحسيمة (11,5 بالمائة).
وبلغت معدلات الهشاشة أعلى مستوياتها في جهتي درعة-تافيلالت (11,8 بالمائة) ومراكش-آسفي (11,5 بالمائة). وتجاوزت جهات فاس-مكناس (9,1 بالمائة)، وبني ملال-خنيفرة (9,0 بالمائة) وطنجة-تطوان-الحسيمة (8,8 بالمائة) المعدل الوطني.
وتستأثر هذه الجهات الخمس بنحو 60 في المائة من السكان المهددين بالفقر. وهو ما يقارب 1,7 مليون شخص.
الفقر متعدد الأبعاد يتراجع في المغرب وسط تحول في المقاربة: من الفقر النقدي إلى الفقر متعدد الأبعاد
وتؤكد الدراسة أن الاعتماد الحصري على النفقات لتحديد الفقر لا يعكس الواقع المعيشي بدقة. ويغفل مؤشرات التعليم، والصحة، والسكن، والولوج للخدمات.
وتقوم مقاربة الفقر متعدد الأبعاد على ثلاث ركائز (التعليم، الصحة، ظروف العيش). وتُعد الأسرة فقيرة إذا بلغ الحرمان لديها 33 في المائة أو أكثر من المؤشرات المعتمدة.
خريطة الفقر الجديد: نحو سياسات اجتماعية أكثر استهدافا
وتهدف هذه المقاربة الحديثة إلى إظهار الأوجه الخفية للعجز الاجتماعي، وتوفير قاعدة بيانات دقيقة تسمح بتوجيه السياسات الاجتماعية إلى الفئات والمجالات الأكثر هشاشة. وذلك في أفق بناء مجتمع أكثر إنصافا وعدالة مجالية.
ذات صلة:
ارتفاع اللحوم الحمراء في المغرب…كيف أصبح اللحم محرما على الفقراء!
Discussion about this post