شكلت سيول بركان القاتلة مثارة خصبة لأسئلة ونقاش عميق طرحهم الصحفي المغربي رشيد البلغيتي.
وسطر البلغيتي، في تدوينة عبر صفحته بمنصة “فيسبوك”، على أنه بينما كان الرأي العام منشغلا بحادثة انتشال طفلة من البئر.. فُجِع المغاربة بسقوط طفلة أخرى، في غفلة من الجميع، داخل بالوعة مفتوحة وسط مدينة بركان.
واعتبر البلغيتي أن الأقدار شاءت أن تجرف السيول الطفلة من يد والدها. لتتحول المأساة إلى لحظة تعرية للواقع التنموي بالبلاد.
بركان.. مدينة في الواجهة ولكن بلا بنيات تحتية
وأشار الصحفي إلى أن بركان هي المدينة التي ينتمي إليها فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والوزير المنتدب المكلف بالميزانية. واستنكر أنها رغم ذلك تعيش “مفارقة صارخة”.
وقال البلغيتي: “عندما سمعتُ خبر الغرق في بركان طفت صورة لقجع وكرة القدم والملاعب وميزانياتها أمامي”..
وتابع: “ها هي الأقدار تلعب دور المعارضة، من جديد.. وتوضح الواضح وتظهر الظاهر وتفضح المفضوح. وتسجل هدفا آخر (قاتلا) في مرمى فريق السلطة وخطة 4 – 5 – 1 التي انتهجها البلد”.
بركان. مدينة تصرف فيها المليارات
واستنكر البلغيتي كون بركان مدينة تصرف فيها المليارات على كرة القدم. بينما تغيب عنها البنيات التحتية الأساسية التي قد تحمي طفلة من الموت جراء غرقها في مياه الأمطار.
وتساءل البلغيتي عن الأولويات في تدبير المال العام. وقال: لماذا تُصرف 5 مليارات سنتيم على فريق نهضة بركان.. بينما لا تُخصص 5 ملايين فقط لتجهيزات الوقاية المدنية التي اضطرت لاستخدام مصابيح الهواتف في البحث عن الطفلة؟
وتساءل أيضا: ولماذا يذهب نصف مليار دولار لبناء ملعب في بنسليمان.. بدل استثمار نصفه في قطاع التعليم حتى لا يضطر والد الضحية إلى اصطحابها إلى دروس الدعم، مما أدى إلى وقوع هذه الفاجعة؟
كرة القدم.. أداة الإلهاء الجماهيري؟
ويرى البلغيتي أن إدارة فوزي لقجع للأموال الكروية تساهم في “بناء المدرج الروماني المغربي”. وأوضح أن الملاعب هنا تتحول إلى مسارح تشبه “الكولوسيوم”. وينسى فيها الجمهور الفقر والغلاء وسط صخب المباريات.
وأضاف الصحفي أن كرة القدم لطالما استُخدمت كأداة لصرف انتباه الناس عن الأزمات.. وذلك كما فعل أباطرة روما والعباسيون، ووزير الداخلية إدريس البصري في عهد الحسن الثاني، حينما قال بوضوح: “الكورة والمسلسلات المكسيكية!”.
عندما تصبح الرياضة وسيلة لصرف الانتباه عن الواقع
واعتبر البلغيتي ان المونديال ومؤتمرات لقجع وإنجازات اللاعبين.. ليست مجرد أخبار رياضية، بل هي أدوات لصياغة الوعي الجماهيري. وأكد أنه بذلك “لا نشغل وقت الرعية فقط.. بل نعيد تشكيل وعيهم فيتقبلون الواقع وينجرون للوقيعة وينكرون الوقائع”.
واعتبر أن هذه الأدوات تجعل الناس “ينظرون إلى التشييد (ملعب مولاي عبد الله) وينكرون التشريد (هدم البيوت في حي المحيط خارج القانون)”.
وأردف أنها تجعلهم “يناقشون خيمة في ماكيط مهندس ولا ينظرون إلى الالاف من خيام البلاستيك المحاصرة بالثلج في جبال الأطلس الكبير”.
وفي ختام تدوينته، خلص البلغيتي إلى أن البلوعات المفتوحة في الوطن ليست مجرد حفر في الشوارع، بل هي “العدو الوحيد لكل هذه المخططات”.
وفي ختام ما كان البلغيتي يكتب عن سيول بركان القاتلة؛ اعتبر أنه بينما يُدعى الناس للسير خلف المنتخب الوطني، يتحول الفخر والانتماء إلى “مورفين مخدر”، يخفي التوترات الاجتماعية بدل حلّها.
ذات صلة:
طنجة.. ساعة من المطر تكشف عورة البنية التحتية وتُغرق الأحياء
قيوح يكشف عن استثمارات بقيمة 96 مليار درهم لتطوير البنية التحتية السككية
Discussion about this post