تواجه الخزينة العامة للمملكة تحديات كبيرة تعكس اختلالات عميقة في إدارة المالية العامة. وتشمل هذه التحديات بيروقراطية معقدة وضعفا في التكوين ونقصا في الوسائل التقنية، وخدمات متدنية الجودة.. مما يعرقل الاستثمار ويضر بمصالح المقاولات الصغيرة والمتوسطة.
ثغرات قانونية
ومنذ دخول المرسوم 2.22.431 حيز التنفيذ في عام 2023، تقلصت فرص التلاعب والتفويتات المشبوهة. وذلك لكونه يفرض شفافية أكبر على الصفقات العمومية عبر إجبارية نشر سندات الطلب في البوابة الرقمية للصفقات العمومية.
ومع ذلك، ظهرت ثغرات جديدة. حيث تلجأ بعض الإدارات إلى مسطرة “حالة الاستعجال” لاختيار موردين محددين. مما يفتح المجال لممارسات إقصائية واستبعاد الشركات الجادة عبر فرض معايير تعجيزية أو طرح صفقات بأسعار متدنية غير واقعية.
اختفاء وصعوبات
بالإضافة إلى ذلك، تشير تقارير إعلامية إلى اختفاء “اللائحة السوداء” التي تتضمن أسماء الشركات المحظورة من المشاركة في الصفقات العمومية من البوابة الرقمية دون تفسير رسمي. مما يسمح لشركات ذات سوابق بالمشاركة مجددا.
ويواجه المقاولون أيضا مشكلات تقنية متكررة في البوابة الإلكترونية. ويعيق ذلك تقديم عروضهم وتثير تساؤلات حول شفافية العملية.
وتبرز أيضا ممارسات “الصفقات الموجهة”، حيث تفرض بعض الإدارات شروطا تعجيزية لا تتوفر إلا لدى شركات معينة. مما يحرم المقاولات الأخرى من المنافسة العادلة.
وعلى سبيل المثال، تطلب بعض الإدارات من شركات كراء السيارات امتلاك أسطول ضخم يتجاوز الاحتياجات الفعلية للصفقة. مما يتيح فقط للشركات الكبرى المرتبطة بمؤسسات بنكية المنافسة.
بيروقراطية معقدة
وفي سياق آخر، تعاني المقاولات من بيروقراطية معقدة حتى في أبسط الإجراءات، مثل الحصول على خدمة التوقيع الإلكتروني. ورغم جهود بريد المغرب لتسريع إصدار هذه الخدمة، إلا أن تعقيدات إدارية داخل الخزينة العامة تؤدي إلى تأخيرات غير مبررة. مما يضر بفرص المقاولات في المشاركة الفعالة في الصفقات العمومية.
وتتطلب هذه التحديات المتعددة إصلاحات جذرية لتعزيز الشفافية، وتبسيط المساطر، وتوفير بيئة ملائمة تشجع على الاستثمار وتحمي مصالح المقاولات الوطنية.
Discussion about this post