كتب الأستاذ محمد الحراق، الإطار التربوي والفاعل الحقوقي في مدينة طنجة، تدوينة مطولة تحت عنوان : “الجدار”، وذلك في أعقاب تحركات الشباب المغربي وردود الأفعال الحكومية و السلطات العمومية.
وأكد الأستاذ محمد الحراق؛
إنّ ما يعيشه جيل زد في المغرب ليس أزمة عابرة ولا نزوة مراهقة جماعية، بل هو نتيجة مباشرة لنظام يسير بسرعتين متناقضتين: سرعة خارقة في تراكم الثروات بين أيدي الفاسدين، وسرعة السلحفاة في تنزيل الإصلاحات الحقيقية.
هذا الجيل، الأكثر اتصالاً وانفتاحاً وتعليماً في تاريخ البلاد، نشأ على وعود كبرى. قيل له إن المدرسة هي طريق الكرامة، لكن الشهادة تحولت في الغالب إلى بطاقة دخول لعالم البطالة. بينما يكوّن بعضهم ثروات خيالية في وقت قياسي، يظل آلاف الشباب ينتظرون لسنوات فرصة عمل لا تأتي أبداً.
المفارقة صارخة: مشاريع عملاقة تُنجز بسرعة الضوء لتزيين الواجهة الدولية، وأبراج إسمنتية تنبت في كل زاوية، فيما المستشفيات تفتقر إلى الأسرّة والأطباء، والمدارس إلى المعلمين، والشباب إلى أبسط الآفاق. البلاد تركض حيث المال يدور بين قلة قليلة، لكنها تتثاقل حين يتعلق الأمر ببناء المستقبل الجماعي.
النتائج لم تعد تخفى على أحد: خيبة سياسية عميقة، هجرة الأدمغة، أزمة نفسية خانقة بين المراهقين والشباب. لقد فقد جيل زد الثقة في المؤسسات واختار الشارع والمنصات الرقمية كفضاء وحيد للتعبير عن غضبه.
الجدار ليس استعارة بل واقع: نظام يركض بسرعة مجنونة نحو الإثراء غير المشروع، ويتباطأ إلى حد الجمود في الإصلاحات المصيرية، لا بد أن يصطدم في النهاية. والمأساة أنّ من دفع الثمن أولاً هو الشباب، الذين وجدوا أنفسهم محاصرين بين سراب الوعود وسرعة الفساد.
إنّ ما نراه اليوم ليس مجرد “مؤشرات توتر”، بل حكم نهائي على نموذج تنموي فشل في حماية أبنائه، وترك جيله الأبرز والأكثر وعياً يصطدم بالحائط.
Discussion about this post