وجد مسؤولو إدارة الأملاك الوقفية بمدينة طنجة، أنفسهم هذه الأيام وسط دوامة انتقادات الرأي العام في مدينة طنجة، بسبب طريقة تدبير أملاك الأوقاف التي يستفيد منها الأثرياء وأصحاب الحال بطرق تثير الكثير من علامات الاستفهام.
وعندما قامت إيكوبريس بتحرياتها، أوضح عدد من الأشخاص الذين ترشحوا لسمسرات وقفية، أن مجموعة من السماسرة في المدينة يتحكمون في الاستفادة من الأملاك الوقفية والتي تكترى بأسعار تفضيلية عن ثمن سوق العقار في طنجة.
ولعل خير دليل على ذلك، هو ما جرى في مسجد لالة عبلة الذي يقع في موقع استراتيجي من الناحية التجارية، حيث تكرم مسؤولو نظارة الأوقاف في طنجة على شخص محظوظ بـ أربعة محلات اللهم زد وبارك، حيث قام هذا الشخص المحظوظ وفق مصادر إيكوبريس، بهدم جدرانها وقام بتحويلها إلى فضاء مشترك حصل بعد تلك التغييرات الهندسية على رخصة مقشدة.
وقد أماطت فضيحة رخصة التبغ في مسجد لالة عبلة الكائن في محيط الميناء، الستار عن كثير من الشبهات حول كيفية تدبير ملف اجتماعي واقتصادي مهم للغاية إذا أحسن المسؤولون التصرف في تلك الأمانة العظيمة.
لكن واقع الحال غير ذلك، حيث تفيد الشهادات الواقعية أن منافع الأوقاف لا يستفيد منها مثلا حاملو المشاريع الصغيرة الذين يحصلون على دعم وتمويل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وذلك بسبب غياب الالتقائية بين إدارة الأوقاف والجهة المانحة لدعم المشاريع.
ومن ناحية أخرى، تطرح طريقة تدبير أملاك الأوقاف أكثر من علامات الاستفهام، ذلك أن الإعلان عن السمسرة الوقفية يجب أن يكون للعموم وهذا معناه استغلال كل الوسائل الحديثة في إيصال المعلومة بما في ذلك استخدام الترويج المكاني على وسائل التواصل الاجتماعي، بحيث أن الاعلان على الصفحة الرسمة على فاسيبوك لا يكفي لأنها متابعيها عدد قليل جدا، وهذا يعني منطق ” حايدت اللومة عليا”.
أما الإعلان العمومي فيجب أن يصل إلى أكبر شريحة ممكنة عن طريق تعليق الاعلانات في الملحقات الإدارية وكل مرافق القرب التي يمكن أن تحقق فعلا مبدأ المعلومة للجميع، فلا يعقل أن سماسرة معروفين بمهنة الوساطة في هذا المجال يحتكرون هذه الامتيازات وسط تكتم من جانب الإدارة الوقفية، في وقت يوجد فيه مئات الشباب الحاملين لمشاريع ذاتية مدرة للدخل يجدون صعوبات جمة في تعبئة العقار، بسبب أثمنة الكراء الخيالية التي رفع أسعارها تجارا المخدرات الذين يبيضون الأموال المجهولة المصدر.
ونظرا لغياب سياسة التقائية تساعد الشباب للحصول على تسهيلات في الاستفادة من عقارات الأملاك الوقفية ذات أسعار كراء مناسبة، تضيع مقاصد نظام الوقف، حين يستمر منطق “الاحتكار” السائد والذي يؤدي إلى تبديد فرص مهمة لتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية وإنتاج الثروة وتشجيع الاقتصاد التضامني، وهو ما يؤدي إلى إنقاذ مئات الشباب من جحيم البطالة وإنعاش حركة الشغل وتشجيع المنافسة.