أسباب الاعتداء على الأساتذة بالمغرب.. من ترند الشوكولاطة إلى الزرواطة
بشكل مخيف تنامت نسبة الاعتداءات على الأساتذة في عدد من المؤسسات التعليمية بمناطق متفرقة من المغرب خلال الآونة الأخيرة، مثيرة تساؤلات حارقة حول أسباب هذه الظاهرة التي تدق ولا شك ناقوس الخطر في المجتمع المغربي.
وقد سجل إقليم شيشاوة في اليومين الماضيين اعتقال تلميذ بثانوية ابن رشد التأهلية جراء اعتدائه على أستاذه، قبل أن تفرج عنه السلطات غداة تنازل الأستاذ عن الشكاية التي تقدم بها ضده.
ولفظت الأستاذة هاجر العيادر أنفاسها قبل ذلك بأيام في المستشفى، متأثرة بضربة في الرأس تلقتها من يد أحد متدربيها في التكوين المهني.
وعرفت مؤسسات في مدن أخرى اعتداءت على الأساتذة كان آخرها الاعتداء الذي تعرض له مدير الثانوية التأهيلية محمد عابد الجابري في اكزناية، أمس السبت، والذي تسبب له في إصابة خطيرة استدعت نقله إلى قسم المستعجلات بإحدى المصحات الخاصة في طنجة.
استهداف ممنهج في الإعلام
تعرض الأستاذ في المغرب ولا يزال إلى استهداف ممنهج في وسائل الإعلام التي عمدت إلى تشويه صورته إلى حد الإضرار برمزيته داخل المجتمع.
وجعل الإعلام الأستاذ مادة للسخرية والتندر والاحتقار حتى، قياسا إلى عدد من الأعمال التي حشرته في دائرة الرجل المتحكم فيه من قبل زوجته، والذي لا يعتني بهندامه ،والمعطوب بعقد نفسية يعمل على تفريغها في التلاميذ، والمتهرب من أداء واجبه المهني، وهلم جرا.
ولعل هذا الاستهداف هوى بالأستاذ من القمة إلى القاع تحققا بفقدانه المكانة الاعتبارية التي كان يتربع عليها قبل بضعة عقود، وخسارته احترام التلاميذ وأولياء أمورهم.
تراجع دور الأسرة في التربية
تراجع دور الأسرة تراجعا حرجا في تربية الأبناء وتوحيههم، بما تسبب في الانحدار التربوي للجيل الحالي، فلطالما كانت الأسرة المدرسة الأولى التي تزرع في الطفل بذور الخير أو الشر، والمصنع الذي تتأسس فيه شخصيته ونفسيته وفكره.
هذا التراجع متعلق بتحولات اجتماعية واقتصادية وقيمية يعيشها المجتمع المغربي، بدءا باضطرار الزوج أو الزوجة أو كليهما إلى الغياب عن أبنائهما بسبب العمل ساعات طويلة لمواجهة تكاليف الحياة المرتفعة، مرورا بجهلهما دورهما الرئيس في التربية والتعليم واتكالهما على المدرسة في هذا الجانب.
من ترند الشوكولاطة إلى الزرواطة
قبل أشهر من الآن اندمج تلاميذ المؤسسات التعليمية في ترند الشوكولاطة العالمي، وتسربت العديد من الفيديوهات لتلاميذ يهدون أساتذتهم الشوكولاطة وسط تباين الآراء بين مستنكر للمبادرة ومرحب بها.
واليوم يبدو أن ترند الشوكولاطة ليس إلا انجرافا في تيار وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبح تتحكم في هذا الجيل أكثر من أي شيء آخر، وتعبيرا عن حب مزيف لفئة عريضة من التلاميذ لأساتذهم.
واليوم تعيش المدرسة المغربية تطورا خطيرا من ترند الشوكولاطة إلى الزرواطة تحققا بتناسل الاعتداءات على الأساتذة من قبل التلاميذ.
Discussion about this post