إيكو بريس من طنجة –
في مدن الجارة الإسبانية البعيدة عن طنجة بـ 14 كيلومتر فقط، يعكس التخطيط العمراني لغالبية المدن مظاهر التحديث ومظاهر العقلانية في سياسة التعمير، التي تلبي حاجيتان في آن واحد؛ تعزيز العرض السكني، وتلبية حاجيات السكان من الصغار والكبار، عبر مرافق تستجيب لمتطلبات مختلف فئات الأعمار، عكس واقع سياسة التعمير في طنجة التي صارت بعيدة كل البعد عن تحقيق النجاعة والحكامة والاستجابة لأهداف التنمية التي تعهدت المملكة المغربية بتنفيذها.
فليس خفيا أن غالبية مسؤولي مدينة طنجة يذهبون لقضاء العطلة في إسبانيا وينظرون بأم أعينهم إلى المشهد الحضري النموذجي، حيث لا تنقص التجمعات العمرانية ذات النمط المتعدد الطوابق، المرافق الأساسية القريبة من مكان السكن.
وهكذا، يوجد وسط أو جوار كل تجمع سكني يفوق عدد الشقق به 400 شقة سكنية، يجب أن يتوفر على ملعب للأطفال وكراسي لجلوس الكبار، وأماكن كافية لركن وتوقف العربات، دون المساس بحرمة الطريق.
لكن عندنا في مدينة طنجة، وفي القرن الواحد والعشرين، لا زال المسؤولون يوقعون على تراخيص التعمير للشركات العقارية، دون إلزامها بتهيئة فضاءات ومرافق ضرورية للمقيمين، مما يثير الكثير من الاستغراب.. علما أن الشركات العقارية الكبرى تستفيد من تعبئة العقارات بأثمنة رخيصة جدا.

ففي منطقة المجاهدين، بالكاد عثرت الدولة على بقعة أرضية ضيقة لاحتضان مدرسة إعدادية، وسط عشرات العمارات السكنية، فيالمقابل لم يتم تهيئة ولو ملعب واحد للأطفال، علما أن ملعب واحدا سيكفي لعدد قليل من المستفيدين.
كما أن بعض المجمعات في المنطقة لم تترك حتى منطقة خضراء كاملة، حيث اقتصرت على مناطق التشجير، مما يطرح علامات استفهام كيف تم منحها شهادة تسلم نهاية الأشغال.
لحسن الحظا أنقذتنا قضية منحة البنك الدولي في آخر لحظة بحيرة الرهراه التي تتواصل فيها أشغال التهيئة والتأثيث الحضري، لكن ملاعب كرة القدم وكرة السلة وباقي الفضاءات لمزاولة هوايات الناشئة شبه منعدمة..
فهل يستدرك مسؤولو مدينة طنجة الوقت، لوضع اليد على البقع الأرضية المتبقية من أجل تهيئة ملاعب القرب لأبناء الساكنة؟ وتعويض أصحابها من طرف مديرية أملاك الدولة ؟؟ لأن تشييد التجمعات من دون عدد كافي من المرافق لا يجب أن يكون استنساخ تجارب “مدن الصفيح” التي كانت منتشرة أفقيا فوق الأرض من دون مرافق أساسية، ويتم تكرار نفس السياسة مع تجمعات البناء العمودي !