إيكونوميك بريس – طنجة
قبل زمن تكنولوجيا التواصل الرقمي كان بإمكان المسؤولين الحكوميين والإداريين الكذب على المواطنين المغاربة، مع احتمال تصديق ادعاءاتهم الزائفة، من قبيل أن المغرب “بلد سياحي”، وأن جبال الأطلس وجهة سياحية منافسة، أما اليوم فلم يعد من مجال لإخفاء الحقيقة أو التستر على المعلومة الصحيحة.
ويتقاسم المغاربة الذين يسافرون للخارج لقضاء عطلتهم بإحدى الوجهات السياحية العالمية كإسبانيا، تركيا، واليونان، تجاربهم مع التكاليف المنخفضة في أماكن الضيافة والإطعام والترفيه، ويكشفون حجم الفوارق الصارخة في الأسعار مقارنة مع جودة الخدمات.
فعلى سبيل المثال، يحكي محمد مصباح وهو مدير مركز بحثي مرموق في العاصمة الرباط، تجربته السياحية في دولة هولندا، متوقفا عند خدمة كراء السيارات الخاصة، إذ قادته عملية بحث سريع على موقع غوغل، لكراء سيارة فارهة لمدة أسبوع بـ 150 أورو خلال رحلته في فصل الصيف، أي 22 يورو في اليوم، وهو ما يعادل (242 درهم)، إذ أن هذا المبلغ لا يكفي بالكاد لكراء سيارة عادية ذات الوقود الغالي.
وعلق محمد مصباح ساخرا؛ “خلاصة القول المغرب بلد سياحي أكبر كذبة”، وزاد قائلا: “الحقيقة أن كل شيء في المغرب غالي عن سعره الحقيقي، من الفنادق، إلى المطاعم، إلى كراء السيارات، دون الحديث عن الغش واستغلال الفرص لنهب جيوب السياح”.
من جهته، تقاسم مصطفى العباسي، صحفي بجريدة الأحداث المغربية، مع أصدقاءه عبر صفحته على موقع “فايسبوك” تجربته، قائلا؛ “جلست في محلبة على الطريق الساحلية بقرية “الجبهة”، وأمامي برك مائية متسخة، طلبت فطورا سريعا يتكون من صحن بيض مقلي، جبن، قطع موتديلا، وكأس شاي، فوجدته أثناء الأداء بثمن باهض”.
يضيف العباسي، أديت للنادل مجموع ما أخذناه أنا وأبنائي، دون أن أحرق أعصابي وأكملت طريقي إلى الحسيمة لنأخذ باخرة في اتجاه إسبانيا، وفي خاطري قناعة تزداد رسوخا “أن قضاء عطلتي خارج البلاد قرارا صائب، رغم أنها مكلفة لكن مقارنة مع الخدمات المقدمة فهي رخيصة جدا، أما تشجيع السياحة الداخلية ولو في المناطق النائية فهو من المستحيلات”، حسب قوله.
الصحفي عبد الله الترابي، هو الآخر حكى تجربة عن حجم الفوارق في الأسعار ما بين رحلتين سياحيتين قادته إحداهما إلى مدينة طنجة، والأخرى إلى العاصمة الإسبانية مدريد، في الأولى حجز شقة وسط المدينة ب1200 درهم لليلة الواحدة “كانت مرافقتها متسخة وعفنة”، وفي الوجهة الثانية وجد شقة مجهزة بكامل مستلزماتها، نظيفة للغاية، لها شرفة مطلة على القصر الملكي الإسباني، وعلى منظر الغروب خلف جبال مدريد، مقابل سعر لا يتعدى 870 درهما لليلة الواحدة.
وخلص الإعلامي بالقناة الثانية، إلى أن “إسبانيا بلد سياحي بالفعل وليس بالادعاء وتخراج العينين، أماكن الإقامة متوفرة بأسعار تنافسية، ابتداءا من 10 أوروهات، ووجبات في المطاعم ابتداءا من 5 يوروهات فقط، أي ما يعادل 55 درهم مغربي، والأكثر من هذا كله هو الشعور بالحرية والأمن والآمان دون خوف أو قلق أن يعترض سبيلك منحرف بسيف أو سكين، ليسلبك هاتفك النقال أو محفظة الجيب”.
هذه العينة من الشهادات، تكشف بالملموس زيف الادعاءات المزعومة من صناع القرار في بلدنا حول تشجيع السياحة، فلا أسعار أماكن المأكولات تخضع للمراقبة والمحاسبة، ولا أماكن الضيافة تقدم أسعار تنافسية، دون الحديث عن نوعية الخدمات المقدمة، ومدى احترام معايير السلامة في الطهي والنظافة في السكن، والأمن في التجول.]]>