مصادر مطلعة تكشف ثغرات في إدارة الضرائب بطنجة تُسهل عملية “النوار” في العقار
بينما تشهد مدينة طنجة نموا عمرانيا متزايدا، وتوسعا في التجزئات العقارية، فإن المداخيل الضريبية المفترض جبايتها من هذا النشاط التجاري المربح لا ترقى إلى مستوى وحجم غلاء الأسعار المبالغ فيه بحسب كثير من المراقبين، في عاصمة البوغاز.
وفي المقابل، تتعرض خزينة المالية العمومية للاستنزاف، عن طريق المدفوعات المالية لقيمة الضريبة على القيمة المضافة TVA، والتي تؤديها إدارة الضرائب لفائدة المنعشين العقاريين في إطار دعم الدولة الموجه للمواطن الراغب في امتلاك سكن اقتصادي.
لكن حصول الشركات العقارية على هذه الموارد المالية، بشروط وآليات والتزامات معينة في دفتر التحملات، من خلال التجربة الواقعية، تفيد مصادر صحيفة إيكو بريس الإلكترونية، شابتها خروقات واختلالات كثيرة.
وأوضح المصدر الذي التمس عدم ذكر صفته، أن هناك عمليات متوافق عليها بين عدة أطراف متدخلة تفضي إلى تسهيل عمليات التهرب الضريبي والتستر على “النوار” في قطاع العقار، وذلك عبر آليات محكمة، صار استعمالها متفق عليه بين بعض مفتشي الضرائب وشركات عقارية ومهندسين معماريين.
دعم الدولة للزبون تحول إلى غنيمة سمينة
خصصت الدولة في التجربة السابقة للسكن الاقتصادي، والتي لا تزال بعض مشاريعها وأوراشها مفتوحة، مبلغ 48 ألف درهم للشركات العقارية عن كل شقة وقع عقد بيعها للمواطن، لكن لكي يحصل المنعش العقاري على ذلك المبلغ عن كل شقة، يجب أن ينجز سنويا عددا من وحدات السكن الإقتصادي.
ويخضع هذا السقف لدفتر تحملات خاص تعلم بمقتضياته إدارة الضرائب، لكن وبعد أن يجد المنعشون العقاريون صعوبات لتحقيق المطلوب، فإنه يتم إعتماد خطة بديلة، تتمثل في إنجاز مشروع عمارات سكن إقتصادي دون الالتزام بالسقف الزمني المحدد في دفتر التحملات، مع تحرير محاضر تقدم الأشغال من طرف المهندس المعماري دون وضع “تاريخ بالمحاضر” ولو أن الورش قد يتأخر عن آجاله سنوات لاحقة.
وبعد ذلك، يضيف المصدر المطلع، يتم توزيع تواريخ إنجاز المشروع حسب البرنامج المحدد وتقديمه من طرف المنعش العقاري ضمن وثائق ملف الاستفادة من مبلغ الضريبة على القيمة المضافة، إلى مصالح مديرية الضرائب في طلبه إستعادة مبلغ 48 ألف درهم عن كل شقة أنجزت وبيعت، وذلك بكل سهولة ويُسر.
هنا يجب التساؤل إن لم يكن لبعض موظفي الضرائب يد في هذه “الحيلة” التي ترهق المال العام فلماذا لم تضع إدارة الضرائب آلية إدارية لإبطال هذا النزيف الممنهج ؟
يقول مصدر صحيفة إيكو بريس، إن هذا الإجراء لا يحتاج سوى طلب لوزير المالية من أجل إجبارية حضور مسؤول عن الضرائب لأول إجتماع إنطلاق الأشغال بكل مشروع سكن إقتصادي إلى جانب المهندس المعماري ومكتب الاستشارة ومالك المشروع.
ولماذا لا يخرج مفتشو الضرائب فيما بعد ودون إشعار في زيارات غير منتظمة، لتتبع تواريخ محاضر تقدم الأشغال بالأوراش المفتوحة وأخذ صور للموقع من أجل جمع العناصر التي تؤسس لمصداقية هاته العملية.
تسهيلات لإخفاء “النوار”
وأكد المصدر أن بعض العاملين في مصلحة الضرائب بطنجة، انخرطوا بغير وعي في استغلال “ثغرات قانونية”، يستفيد منها منعشون وشركات عقارية، علما أن الجزء الأكبر من عملياتها التجارية لنفس المنتوجات تتم خارج الأطر القانونية.
وأوضح المصدر أن هذا الأمر يدر “أرباحا خيالية”، ثم تمنح للمستثمر العقاري إمكانية الوصول إلى السقف الذي يسمح له بالحصول على تعويض من الدولة يناهز 48 ألف درهم عن كل وحدة سكنية. ( 5 مليون سنتيم عن كل شقة) وهو المبلغ الذي يمثل واجب الضريبة على القيمة المضافة.
وبدلا من ذلك، يتم الانتظار إلى حين الانتهاء الكامل من المشروع، ثم يقوم المهندس بإدلاء بتصريح يختزل سنوات الأشغال في مدة لا تتعدى السنة الواحدة”. وهو ما يتيح للمتهربين المعروفين في مجال العقار الاستفادة من تعويضات التحفيزات الضريبية، رغم أنهم يأخذون النوار فوق المبلغ المحدد من الدولة بنسبه تصل إلى 120 في المائة.
وختم المصدر تصريحه بالتأكيد على أن هذا الوضع لا يمثل فقط خرقا فاضحا للقانون، وإنما يشكل خطرا مباشرا على مبدأ العدالة الجبائية، ويضرب في العمق مصداقية مؤسسات الرقابة المالية بمدينة طنجة. وطالب بفتح تحقيق رسمي من الجهات المختصة لوقف ما وصفه بـ”الكارثة الصامتة”.
ذات صلة:
وسط تفشي ظاهرة “النوار” والمضاربة في السوق العقارية.. الحكومة تعترف بغلاء أسعار
النوار وشيك الضمان على المرضى.. رصد خروقات في 56 مصحة هذه تفاصيلها
Discussion about this post