لا تهاجر يا صغيري.. كاين ما يدار في المغرب!
لا تهاجر يا صغيري.. كاين ما يدار في المغرب!
إيكوبريس من طنجة-
لعل الكثيرين من المغاربة شاهدوا الفيديو الذي ظهر فيه ثلاثة رجال أمن ينصحون طفلا بالتركيز في دراسته من أجل ضمان مستقبل مزهر، بعدما خرج مع آلاف المغاربة الراغبين في عبور سبتة من مدينة الفنيدق، يوم أمس الأحد.
ومما جاء في نصيحة رجال الأمن الثلاثة للطفل الصغير: من الأنفع لك أن تدرس عوضا عن التفكير بالهجرة. أنت طفل جميل. ستدرس لتصبح طبيبا أو أفضل. كاين ما يدار في المغرب!
نصيحة رجال الأمن هذه، وإن بدا أنها موجهة إلى الطفل الصغير، فهي في نظرنا تقصد إلى نُصْح المسؤولين الذين أصبحوا ملزمين أكثر من أي وقت مضى بتدارك ما فاتهم في تحقيق تنمية الإنسان التي تضمن كرامته قبل كل شيء.
وإحقاقا للحق، فقد نجحت المقاربة الأمنية في احتواء الأزمة بحكمة كبيرة من قبل رجال الأمن، غير أنها وحدها لا تكفي لحل أزمة اجتماعية ممتدة في الزمن، وتحتاج مقاربات أخرى تعضدها، وعلى رأسها المقاربة الاجتماعية الاقتصادية.
كاين ما يدار في المغرب أيها المسؤولون! ذلك أن عددا كبيرا من المواطنين لم يحقق بعد أبسط ظروف الكريم من مأكل، ومشرب، وملبس، ومسكن، وتعليم، وتشغيل، وتطبيب…
كاين ما يدار أيها المسؤولون! فالقرى في وطني لم تخرج بعد من عزلتها، قياسا إلى طرقها البدوية، وضعف مرافقها الحيوية، وانسداد الآفاق فيها.
والتعليم في وطني منفصل عن سوق الشغل، متخبط في مشاكل الاكتظاظ، ورداءة المناهج، وهضم حقوق الشغيلة، وضعف التكوين، وغض الطرف عن إدماج التكنولوجيا.
والصحة في غرفة الإنعاش عسى أن تتعافى من أورام الاختلاس، والإهمال، ووحشية بعض الأطباء، والمتاجرة بآلام المرضى وجراحهم.
وسوق الشغل غارق في المحسوبية والزبونية والاستغلال البشع الذي حول العمال عبيدا تضيع حقوقهم، وتتخطى واجباتهم سقف المستطاع أحيانا، والنتيجة معطلون متذمرون وعمال معذبون.
والإدارات في وطني غارقة في التخلف لا قبل لها بمواكبة التطور المعلوماتي، مريضة لم تُشْفَ بعد من داء الرشوة، كما لم تتخلص من ميزها الطبقي وطوابيرها الطويلة التي لا تنتهي.
وغلاء المعيشة يقتل الدراويش ببطء، ويشدد الضغوط عليهم، فأثمان الزيت والدقيق والغاز والخضر والفواكه والحبوب والقطاني واللحوم أفرغت جيوب الطبقة المتوسطة فكيف بالطبقة الكادحة؟
في وطني ما يستحق الحياة! ينقصنا فقط مسؤولون يضعون المواطن المغربي في قلب التنمية، فما يغنينا تقدم العمران الذي جعل بلادنا تنال تنويه الدول العظمى إذا تخلف فينا الإنسان؟
Discussion about this post