قاعات الحفلات في طنجة.. أموال تترعرع على حساب راحة الساكنة
تتمدد مظاهر العجز والقصور في تدبير السلطات العمومية لمدينة طنجة لتشمل العديد من القطاعات، من بينها قاعات الأفراح والحفلات التي أغرقت المدينة في فوضى عارمة، في مشهد يُثير تساؤلات حول حدود التواطؤ أو غياب الحزم من طرف السلطات المعنية مع غياب تام لإبتكار حلول مستقبلية.
حيادٌ غير مفهوم يُسائل مجلس جماعة طنجة، وبرلمانيي المدينة، وسلطاتها المحلية عن دورهم في السهر على راحة المواطنين، وإيجاد حلول جذرية لهذا المشكل الذي استشرى داخل أحياء المدينة منذ سنوات وما يزال يتوسع دون تدخل حازم.
قاعات حفلات لا تحترم دفتر التحملات
طنجة، على سبيل المثال، تحوّلت فيها بعض المناطق السكنية من أحياء تحتضن منازل سكنية إلىأشبه بـمنطقة خاصة بالأنشطة الفنية أو “مركّبات للأفراح”، ما يتسبب في إرباك يومي لراحة الساكنة المجاورة، التي تجد نفسها مرغمة على تقاسم أحيائها مع ضجيج الاحتفالات والموسيقى الصاخبة، والعربدة بالسيارات وزعيق منبهات الصوت.
على سبيل المثال، فإن مناطق الدريسية، وعلي باي، وحي الفرح و طنجة البالية ، تحولت إلى تجمعات شبه رسمية لقاعات الحفلات، إضافة إلى عدد من القاعات المتفرقة المنتشرة في مناطق أخرى.
هذا التوسع رافقته موجة من الشكايات التي ترد على مكاتب السلطات، بسبب تجاوزات متكررة، خاصة ما يتعلق بعدم احترام توقيت التوقف عن تشغيل الموسيقى. ورغم ذلك، لم تتمكن السلطات إلى حدود الساعة من إيجاد حلول ناجعة، بسبب ما يوصف بسياسة “الكرّ والفرّ” التي يعتمدها أصحاب هذه
القاعات.”
مداخيل مهمة وصناديق الدولة هي الخاسر الأكبر
مصادر مطلعة أكدت لـ”إيكوبريس” أن بعض قاعات الأفراح بطنجة، أو ما يُعرف بـ”قصور الأفراح”، تحقق مداخيل شهرية تفوق 300 مليون سنتيم كربح صافٍ، في الوقت الذي لا يتم فيه التصريح بهذه الأرقام كاملة لدى مديرية الضرائب، ما يُكبّد خزينة الدولة خسائر مالية فادحة.

في السياق نفسه، تواصلت “إيكوبريس” مع رئيسي مقاطعتي مغوغة والسواني، حيث أكدا معًا أن الجماعة تقدم خدمة “مجانية” لهاته القاعات الكبرى، بالنظر إلى الكميات الهائلة من النفايات التي تجمعها شركات النظافة من أبواب هذه المشاريع، دون أن تساهم في تغطية التكاليف.خصوصا و ان جميع القاعات توجد ضمن مناطق سكنية و ليس صناعية و هو ما يطرح اشكالا قانونيا لضبط ضرائب نظافة خاصة بهم .
في هذا الإطار، صرح بنعزوز، رئيس مقاطعة مغوغة، أن عدد القاعات ضمن نفوذ مقاطعته يفوق الثلاثين قاعة، في حين أكد أهروش، رئيس مقاطعة السواني، أن العدد يتجاوز العشرة. وتشير التقديرات إلى وجود أزيد من 100 قاعة كبرى في تراب عمالة طنجة أصيلة، دون احتساب العشرات من القاعات الصغرى المنتشرة في مختلف أحياء المدينة.
المشرّع المغربي غائب عن مراجعة القرار الجبائي
عدنان معز، رئيس مركز ابن بطوطة للدراسات وأبحاث التنمية المحلية، أكد لـ”إيكوبريس” أن جماعة طنجة تجد نفسها محاصرة بقيود القرار الجبائي، حيث وضع المشرّع قيودًا صارمة تمنع المجالس المنتخبة من إجراء تعديلات جوهرية عليه. حيث ترك للمجالس المنتخبة هامشا صغيرا محاطا بين قوسين يمكن ان تلعب بينهما لاجراء تعديل جبائي مصغر.
وهو ما ينطبق على ملف قاعات الحفلات، حيث ترك المشرّع فراغًا قانونيًا تستغله هذه المشاريع لتفادي تحمل التكاليف الحقيقية، وفي مقدمتها مصاريف النظافة، لتظل الجماعة مضطرة لتحمل عبء خدمات تقدم لمشاريع ربحية لا تساهم بما يكفي في تمويل ميزانية المدينة.
دور رئيسي في الأعراس المغربية يستوجب حلول مستعجلة
طبعًا لا يمكن إغفال الدور الرئيسي الذي تلعبه هذه القاعات في تبسيط مراسيم الحفلات لمختلف المغاربة، حيث تستقطب فئات واسعة من الزبائن الذين تعذر عليهم تنظيم أعراسهم داخل مقرات سكناهم، لتوفر لهم هذه المشاريع أجواء مثالية لتخليد ليلة العمر. ناهيك عن الآلاف من مناصب الشغل التي توفرها بشكل مباشر وغير مباشر.
لذلك، ومن أجل حل يراعي مصلحة جميع الأطراف، يبرز بقوة مُقترح العمل على ترحيل جميع هذه القاعات إلى خارج المدار الحضري ضواحي مدينة طنجة، من خلال إنشاء “مدينة للأفراح والمناسبات”، كحل نموذجي يُنهي مشاكل طالما ظلت قائمة دون حلول جذرية.
وفي الوقت الذي يسافر عمدة طنجة ورئيس مجلسه الجماعي منير الليموري، كثيرا إلى إسبانيا، فإنه لا يأتي من هناك بحلول لصالح الساكنة المحلية، ولا يعبأ أية إمكانات أو صلاحيات لإيجاد الحلول للإشكالات التي تواجهها المدينة، رغم أن بعضها لا يحتاج سوى قرارات إدارية ونصوص تنظيمية، تتوفر على صفة الإلزامية وانخراط أجهزة السلطة في فرض احترامها.
إيكوبريس : توفيق الوهابي
Discussion about this post