فوزي لقجع مسؤول رياضي منفوخ فيه كثيرا.. لولا المحترفون لكنا غارقين
فوزي لقجع مسؤول رياضي منفوخ فيه كثيرا.. لولا المحترفون لكنا غارقين
إيكو بريس عبد الرحيم بنعلي –
تشهد مناسبات المولد النبوي الشريف دوريات رياضية في كرة القدم، في عديد الدواوير القروية بمناطق مختلفة من المملكة، حيث تعكس شغف ساكنة “ألمغرب العميق” بكرة القدم من جهة، وتعكس في نفس الوقت صورة استدامة الإهمال الذي يطال ساكنة العالم القروي، حيث ما زالت ملاعب كرة القدم في حالة بدائية جدا وكأننا نعيش في عهد العصور الوسطى، وليس في عصر الثروة الصناعية والتكنولوجية.
فمن خلال تصفح تظاهرات كرة القدم في المناطق القروية يتبين شغف الناس بالساحرة المستديرة، حيث يتحلق جمهور غفير جنبات مستطيل بني اللون في حالته الطبيعية، يكسوه التراب المختلط بالحصى، ثم يتطاير منه الغبار خلال أطوار المباراة كما يتطاير الغبار من ساحة المعركة التي تدور فيها الحرب بالخيول والسيوف.
إنه مشهد يبعث الحنين، ولا شك أنه يعيد المغاربة بالذكريات ويربط حاضرهم بماضي تليد، ما تزال الأجيال تتوارثه أبا عن جد، لكنه في نفس الوقت يسلط الضوء على جانب مهم من طريقة تدبير المسؤولين المغاربة لمختلف القطاعات، ومن بينها قطاع الرياضة الذي يشكل في بلدان الناس قاطرة إقلاع تنموي، ومجالا استثماريا يحقق رقم معاملات وإيرادات مهمة، حيث تطغى القرارات الارتجالية والتدابير السطحية القائمة على سياسة صباغة الواجهة والإهمال للمناطق القروية.
ففي المغرب ما يزال قطاع كرة القدم يعكس حجم التقصير الإداري والقصور عن إطلاق ورش وطني للنهوض بالبنية التحتية لكرة القدم، وذلك بعد نحو عقد من الزمن منذ تولي فوزي لقجع تدابير الجامعة الملكية لكرة القدم، رغم الميزانيات الضخمة والنفقات الهائلة الموضوعة تحت إمرة تصرفه.
كما تعكس هاته الحالة المتخلفة لملاعب كرة القدم بالمناطق القروية في المملكة، كسل المجالس المنتخبة وكافة المتدخلين، الذين لا يعجزهم صرف ميزانيات مهمة على مهرجانات الشطيح والرديح، بالمقابل يعجزون أو يستخفون بمشاريع تهيئة البنية التحية الرياضية، من بناء ملاعب بمعايير ومواصفات البطولة الوطنية لكرة القدم، على الأقل ملعب واحد في كل مركز قروي، لعل وعسى أن يخرج منه نجوم متعطشون لتفجير مواهبهم في هز الشباك.
إلا أنه بالمقارنة مع الجارة إسبانيا التي تشاركنا تنظيم الموانديال فإنها نجحت منذ سنوات في تعميم ملاعب كرة القدم في مختلف التجمعات السكانية حضرية وقروية، كانت قريبة من المركز أو في مناطق نائية، لذلك تجد فرقا تلعب في الدرجة الثالثة من الدوري الإسباني، تتوفر على ملاعب أفضل مما لدى أندية الوداد والرجاء والجيش والمغرب الفاسي والمغرب التطواني.
أما البرتغال التي تشارك هي الأخرى في التنظيم المشترك لكأس العالم 2030 بدورها تتوفر على ملاعب في المستوى العالي، معترف بها من الفيفا رغم أنها بنيت قبل عقود، مما يعكس الرؤية الاستشرافية لمسؤولي البلد في البرتغال، وحرصهم على المال العام.
أما عندنا في المغرب فإن ملعب محمد الخامس بالدار البيضاء تعرض لعمليات صيانة عدة مرات، وكذلك معلب طنجة وفاس ومراكش، ومع ذلك ولا أحد فيهم يتوفر على مواصفات فيفا، فيما هناك أندية تتوفر على ملاعب أنشأها الاستعمار الإسباني كنادي المغرب التطواني.
إن أي نجاح في كرة القدم من دون ملاعب ضرب من الخيال، ولو كان لدينا إعلام قوي يسائل المسؤولين عن كرة القدم كما هو الحال في إسبانيا، لكانت أسئلة الصحافة تشكل إحراجا وقلقا للمسؤولين، لكن مع الأسف عندنا إعلام الطبل والغيطة مهمته الأولى النفخ في فوزي لقجع وتصويره كأنه بطل خارق، في حين أنه يتصرف في ميزانيات هائلة من المال العام يمكن أن نشيد بها 4 مستشفيات جامعية في كل عام، مع حصيلة هزيلة جدا لكرة القدم المغربية لولا إنجاز مونديال قطر بفضل أقدام لاعبي الجالية المغربية بالخارج.
مواهب ضائعة في القرى النائية
ولعل فتى “لولا المعاناة” القاطن في أقاصي جبال ميدلت، مثال على هذا الكلام، وغيره بالتأكيد العشرات من الأطفال الموهوبين الذين يمكن احتضانهم فقط وتوفير نصيب محترم من الإمكانيات لهم لكي يكونوا مثل لامين يامال أو أفضل، ولا نحتاج آنذاك استعطاف من لا غيرة له على القميص الوطني. أو بالأحرى استعطاف لاعب من أصول مغربية ولد وترعرع وتعلم وصقل موهبته الكروية في أندية عالية التكوين بإسبانيا أو هولندا أو بلجيكا.
فلا داعي للتأكيد على أن العنصر البشري هو أهم رأسمال تمتلكه البلدان، والاستثمار فيه هو أحسن استثمار يعود بالنفع على الوطن، لكن واقع الحال مع الأسف الشديد هو العقم والإخفاق والضعف الكبير في صناعة اللاعبين حتى في الأندية الكبرى كالوداد والجيش والرجاء، نظرا لانعدام روافد تزود الأندية باللاعبين الذين يحتاجون صقل مواهبهم بالتكوين.
فلو كانت المراكز القروية في الأقاليم المختلفة بالمملكة تتوفر على ملاعب معشوشبة، ومجهزة بالإمكانيات، لكنا نشاهد مواهب تبدع فوق رقعة المستطيل الأخضر، وربما أخرجت لنا زياش وحكيمي وأمرابط وعددا كبيرا من نسخة راحيمي وعطية الله.
عوض أن تتحول كرة القدم إلى أداة لصناعة الثروة وصناعة النجوم وصناعة الأبطال، فإن ضحالة البطولة الوطنية لكرة القدم، وضعف البنية التحتية الرياضية يعكس كالشمس الساطعة في كبد السماء، مدى تواضع أداء رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم فوزي لقجع، والذي يتصرف في ميزانيات ضخمة لم نجني من ورائها طائل، لولا بركة نجوم الجالية المغربية الذين لديهم “الكبدة” على الوطن، دون انتظار مقابل مادي لأنهم “شبعانين” و مربيين على “القناعة” في بلدان أوروبا المتقدمة رياضيا وسياسيا.

وفيما يلي تدوينة خبير مغربي يعيش في أمريكا الصحفي يوسف سعود
Discussion about this post