طنجة على موعد مع التحول التنموي.. مشاريع كبرى تحت إشراف مباشر من الوالي يونس التازي
تشهد جهة طنجة تطوان الحسيمة، خلال الأشهر الأخيرة، دينامية تنموية لافتة يقودها والي الجهة، يونس التازي، بإشراف ميداني مباشر. وقد أطلق الوالي سلسلة من الأوراش الاستراتيجية شملت قطاعات البنية التحتية، التأهيل الحضري التجارة السياحة والمجال الرياضي.. وذلك في أفق جعل مدينة طنجة في مصاف المدن العالمية المؤهلة لاحتضان التظاهرات الكبرى، وعلى رأسها كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم لكرة القدم 2030.
تهيئة ملعب طنجة الكبير .. مشروع استراتيجي لتغيير ملامح المدينة
وفي هذا السياق، برز ملف تهيئة ملعب طنجة الكبير كأحد الأوراش التي حظيت بمتابعة خاصة من طرف الوالي. إذ انتقل منذ شهر ماي الماضي إلى فرض إيقاع صارم على الشركات المشرفة على إعادة تأهيل الملعب ومحيطه، بعد أن سجل تأخرا واضحا في الأشغال ما دفعه إلى الضغط أكثر من مرة على المتدخلين لتجاوز الوتيرة التي وصفها بغير المرضية.
هذه المتابعة أثمرت دينامية جديدة تجلت في إطلاق طلب عروض دولي يخص توسعة الطرق المحيطة بالملعب وتجهيزها بشبكة إنارة حديثة، بميزانية تقارب 102 مليون درهم.
وتم تحديد يوم 28 غشت المقبل كموعد لفتح الأظرفة، في خطوة تعكس انتقال المشروع من طور الإصلاح إلى مقاربة التخطيط المتكامل، التي تهدف إلى توفير جاهزية داخلية وخارجية للملعب، بما ينسجم مع المعايير الدولية لاستقبال الأحداث الكبرى.
وتتجلى أهمية هذا الورش في كونه يتقاطع مع رؤية أوسع تتبناها السلطات المغربية لإعادة هيكلة البنية التحتية الرياضية على امتداد المدن المضيفة. إلا أن ما يميز تدخل الوالي التازي هو حضوره الميداني ومتابعته الدقيقة لتفاصيل الأشغال.
وقد تمت الأشغال بسرعة ودقة لافتتين، بإشراف مباشر من والي الجهة، الذي شوهد مرارا وهو يتنقل مترجلا بين الورشات، متفقدا مراحل الإنجاز، ومعتمدا على فرق تقنية أغلبها من الكفاءات المغربية الشابة.
وعبر عدد من المواطنين، ومنهم مهنيون في قطاع النقل، عن ارتياحهم للتحول النوعي الذي عرفه الشارع، معتبرين أن هذا النموذج يجب أن يعمم على باقي المحاور الطرقية داخل المدينة.
المشروع لم يقتصر على شارع مولاي رشيد، بل شمل أيضا توسعة عدة محاور رئيسية، من قبيل طريق بوخالف، طريق TM26، طريق المجاهدين، وسوق الجملة القديم.. إلى جانب إحداث مسالك جديدة مثل طريق الغولف، طريق كاليفورنيا، وطريق مدرسة الأمل.
ويتراوح عرض هذه الطرق ما بين 8 و 50 مترا، ما يعكس حجم التوسع العمراني والضغط الديمغرافي الذي تعرفه طنجة، والذي تجاوز 400 ألف نسمة في العقد الأخير.
توحيد اللوحات الإشهارية وتحرير الملك العمومي
وفي المقابل، لم تغفل السلطات المحلية الجانب التنظيمي للفضاءات العامة، حيث أطلقت حملة واسعة في يونيو الماضي لتوحيد اللوحات الإشهارية وتحرير الملك العمومي، لا سيما في محيط ملعب طنجة الكبير.
وقد شملت هذه العملية إزالة الإعلانات العشوائية، وتنظيم شرفات المحلات وتوجيه إنذارات صارمة للمخالفين، بإشراف مباشر من السلطة المحلية، وذلك في خطوة تهدف إلى تعزيز الجمالية الحضرية وتقديم صورة تليق بمدينة تستعد لاستقبال الزوار من مختلف أنحاء القارة.
وفي جلسة يوليوز الأخيرة للمجلس الإقليمي، قدم الوالي يونس التازي تشخيصا دقيقا للتحديات التي تواجه الجهة، وعلى رأسها الاختلالات التي تعرفها الوكالة الإقليمية لتنفيذ المشاريع، والتي انتقد بشدة أداءها، خاصة تنفيذ مشاريع خارج الإطار التعاقدي.
ودعا الوالي بشكل صريح إلى مراجعة آليات التسيير وتحمل المسؤولية، معتبرا أن من لا يستطيع مجاراة المرحلة عليه أن ينسحب.
مشاريع سياحية واستثمارية ضخمة .. وسوق بلاصا جديدة في صدارة المشاريع التجارية
هذه الدينامية تمتد إلى القطاع السياحي، حيث تم الإعلان عن اعتماد 30 مشروعا سياحيا جديدا خلال سنة 2025، منها 22 مشروعا في مدينة طنجة فقط.
ومن المرتقب أن تضيف هذه المشاريع أكثر من 4000 سرير جديد إلى البنية الفندقية للجهة. وهي خطوة اعتبرت ضرورية لمواكبة الطلب المتزايد وتعزيز جاذبية المدينة كوجهة سياحية من الطراز الأول.
وفي سياق الإصلاح التجاري، يشكل مشروع إعادة تأهيل سوق الرمل الكبيرة المعروف بـ “بلاصا جديدة”، أحد أضخم المشاريع ذات البعد التاريخي والاقتصادي.
فقد صادق مجلس جماعة طنجة، في مارس الماضي، على هدم السوق القديم وإنشاء مركب تجاري مندمج، يضم 198 محلا ومرائب سيارات بطاقة استيعابية تصل إلى 441 مكانا، منها أماكن مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة.

وقد انطلقت العملية في أبريل الماضي بنقل التجار إلى سوق مؤقت بدرادب، تليها أشغال الهدم وإعادة التصميم، مع تعليمات صارمة من الوالي للحفاظ على الزخارف المعمارية وإعادة توظيفها في التصميم الجديد، حفاظا على هوية المكان وذاكرته الجماعية.
ويمتد المشروع على مساحة 29 ألف متر مربع، ويهدف إلى خلق فضاء تجاري عصري يحترم التراث ويستجيب لمتطلبات التنمية، في نموذج متكامل يعكس رؤية تنموية شاملة تستهدف ليس فقط البنية التحتية، بل أيضا تحسين جودة الخدمات وتعزيز الاقتصاد المحلي.
إن المتتبع لمجمل هذه الأوراش يدرك أن ما يجري بطنجة ليس مجرد تهيئة عمرانية، بل هو تحول هيكلي تمليه تحديات التوسع وتسنده إرادة قوية.
Discussion about this post